وإِمَّا أَنْ يَكُونَ مُرَاهِقًا ومُقَارِبًا
لِلبُلُوغِ، فَيُضْرَبُ تَأْدِيبًا وتَنْفِيرًا لَهُ مِنَ المَعَاصِي
والمُخَالَفَاتِ.
وقَوْلُهُ
صلى الله عليه وسلم: «وَفَرِّقُوا
بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ» ([1])،
أَيْ: لا تَتْرُكُوهُم يَنَامُونَ جَمِيعًا تَحْتَ غِطَاءٍ واحِدٍ عَلَى فِرَاشٍ
واحِدٍ خَشْيَةَ أَنْ تَظْهَرَ بَيْنَهُم الفِتْنَةُ، وهَذَا من بَابِ سَدِّ
الذَّرَائِعِ المُفْضِيَةِ إِلَى الفِتْنَةِ، والتَّفْرِيقُ بَيْنَهُم في
المَضَاجِعُ عَمَلِيَّةٌ تَرْبَوِيَّةٌ أَرْشَدَ إِلَيْهَا النَّبِيُّ صلى الله
عليه وسلم وهِيَ تَكُونُ في سِنٍّ مُبَكِّرَةٍ حَتَّى يَأْلَفَ الأَوْلاَدُ
الخَيْرَ، ويَنْفرُوا مِنَ الشَّرِّ، ويَبْتَعِدُوا عَنْ أَسْبَابِ الفِتْنَةِ.
قِيمَةُ الشَّبَابِ في الإِسْلاَمِ والحِرْصُ عَلَى تَقْوِيمِهِم
****
والنَّبِيُّ
صلى الله عليه وسلم أَخْبَرَ أَنَّ الشَّبَابَ الَّذِي نَشَأَ في عِبَادَةِ
اللَّهِ مِنَ السَّبْعَةِ الَّذِينَ يُظِلُّهُم اللَّهُ في ظِلِّهِ يَوْمَ لا
ظِلَّ إلاَّ ظِلُّهُ، وأَخْبَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْجَبُ مِنَ الشَّابِّ الَّذِي
لَيْسَ لَهُ صَبْوَةٌ؛ لأَِنَّ الشَّبَابَ في العَادَةِ يُغْرِي، لَكِنْ إِذَا
وُجِدَ شَابٌّ قَدِ احْتَفَظَ بالأَخْلاَقِ في شَبَابِهِ، ولَم يَكُنْ عِنْدَهُ
أَيُّ نَزَوَاتٍ، فَهَذَا شَابٌّ لَهُ ميزَةٌ، وسَوْفَ يُظِلُّهُ اللَّهُ يَوْمَ
القِيَامَةِ في ظِلِّهِ، يَوْمَ الحَرِّ الشَّدِيدِ الَّذِي تَدْنُو فِيهِ
الشَّمْسُ مِنَ الرُّؤُوسِ، ويَكْثُرُ العَرَقُ الَّذِي يُضَايِقُ النَّاسَ في
ذَلِكَ المَوْقِفِ، وهَؤُلاَءِ يَكُونُونَ في ظِلٍّ يَرْتَاحُونَ فِيهِ من عَنَاءِ
المَوْقِفِ إِكْرَامًا لَهُم وجَزَاءً، لأَِنَّهُم حَفِظُوا حُدُودَ اللَّهِ تعالى
في هَذِهِ الدُّنيا.
إِذَنْ فالشَّبَابُ في الإِسْلاَمِ لَهُ قِيمَةٌ ومَكَانَةٌ لا يُسْتَهَانُ بِهَا؛ لأَِنَّ الشَّبَابَ طَاقَةٌ لِلأُمَّةِ، إِذَا ضُيِّعَتْ فُقِدَتْ مُقَوِّمَاتُهُ، وإِذَا حُفِظَتْ بَقِيَتْ لِلأُمَّةِ
([1]) أخرجه: أبو داود رقم (495)، وأحمد رقم (6689)، والبزار رقم (9823)، والبيهقي في «الشعب» رقم (8283).