×
محاضرات في العقيدة والدعوة الجزء الثاني

·        قَتل المُرْتَدِّ:

كَذَلِكَ مِن حِفْظِ هِذ الدِّينِ إِقَامَةُ الحَدِّ عَلَى المُرْتَدِّينَ قَالَ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ» ([1])؛ لأَِنَّ المُرْتَدَّ عَرَفَ الحَقَّ وتَرَكَهُ بَعْدَ مَعْرِفَةٍ، فَيَجِبُ قَتْلُهُ؛ لأَِنَّهُ اسْتَهْزَأَ بِاللَّهِ ورَسُولِهِ، ويَكُونُ سَببًا لِفِتْنَةِ غَيْرِهِ من ضِعَافِ الإِيمَانِ؛ لأَِنَّهُم قَدْ يَقْتَدُونَ بِهِ، فَإِذَا أُقِيمَ حَدُّ اللَّهِ ارْتَدَعَ من يُرِيدُ التَّلاَعُبَ بِهَذَا الدِّينِ، كَمَا قَالَتِ اليَهُودُ من قَبْلُ: ﴿وَقَالَت طَّآئِفَةٞ مِّنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَٰبِ ءَامِنُواْ بِٱلَّذِيٓ أُنزِلَ عَلَى ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَجۡهَ ٱلنَّهَارِ وَٱكۡفُرُوٓاْ ءَاخِرَهُۥ لَعَلَّهُمۡ يَرۡجِعُونَ [آل عمران: 72] أَيْ: لَعَلَّهُم يَرْجِعُونَ عَنْ دِينِهِم؛ لأَِنَّهُم إِذَا رَأَوُا اليَهُودَ قَدْ أَسْلَمَ مِنْهُم من أَسْلَمَ ثُمَّ ارْتَدُّوا قَالُوا: أَهْلُ اليَهُودِ أَهْل العِلْمِ والمَعْرِفَةِ، فَلَوْ عَرَفُوا أَنَّ في هَذَا الدِّينِ خيرًا لَمَا ارْتَدُّوا عَنْهُ وتَرَكُوهُ، فاللَّهُ جل وعلا أَخْبَرَ بِمَكِيدَتِهِم، وكَشَفَ نَوَايَاهُم، فَلِذَلِكَ يَجِبُ قَتْل المُرْتَدِّ؛ لأَِنَّهُ مُتَلاَعِبٌ بِدِينِ اللَّهِ، ولأَِنَّهُ يَضُرُّ بِغَيْرِهِ من ضِعَافِ الإِيمَانِ، ولِهَذَا قَالَ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ» ([2])، وقَالَ صلى الله عليه وسلم: «لاَ يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إلاَّ بِإِحْدَى ثَلاَثٍ: الثَّيِّبُ الزَّانِي، وَالنَّفْسُ بِالنَّفْسِ، وَالتَّارِكُ لِدِينِهِ الْمُفَارِقُ الْجَمَاعَةَ» ([3]).

وهَذَا من حِمَايَةِ الدِّينِ من عَبَثِ العَابِثِينَ؛ لأَِنَّ هَذَا المُرْتَدَّ عرَفَ الدِّينَ، وعَرَفَ أَنَّهُ حَقٌّ فَإِذَا تَرَكَهُ أَصْبَحَ عُضْوًا فَاسِدًا وزَائِغًا يَجِبُ قَتْلُهُ إلاَّ أَنْ يَتُوبَ إِلَى اللَّهِ عز وجل فَإِذَا كَانَ مِمَّنْ يُقْبَلُ تَوْبَتُهُ فَإِنَّهُ يُدْرَأُ عَنْهُ الحَدُّ بِالتَّوْبَةِ.


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (2854).

([2])  أخرجه: البخاري رقم (2854).

([3])  أخرجه: البخاري رقم (6484)، ومسلم رقم (1676).