×
محاضرات في العقيدة والدعوة الجزء الثاني

·       القِصَاصُ لِحِفْظِ النَّفْسِ:

كَذَلِكَ بَعْدَ حِفْظِ الدِّينِ حِفْظُ النَّفْسِ، فَإِنَّ الإِنْسَانَ إِذَا دَخَلَ في دِينِ اللَّهِ فَإِنَّهُ يُصْبِحُ في مَأْمَنٍ، قَالَ صلى الله عليه وسلم: «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ، حَتَّى يَقُولُوا لاَ إِلَهَ إلاَّ اللهُ، فَإِذَا قَالُوهَا، عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إلاَّ بِحَقِّهَا، وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللهِ» ([1]).

فَإِذَا دَخَلَ الإِنْسَانُ في دِينِ اللَّهِ ونَطَقَ بِالشَّهَادَتَيْنِ فَإِنَّهُ يَعْصِمُ دَمَهُ ومَالَهُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ مِنْهُ مَا يُنَاقِضُ ذَلِكَ من أَنْوَاعِ الرِّدَّةِ، فَيُقَامُ عَلَيْهِ حَدُّ المُرْتَدِّ، فَدَمُ المُسْلِمِ حَرَامٌ، رَتَّبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وعِيدًا في الآخِرَةِ لِمَنِ اسْتَبَاحَهُ، ووَعِيدًا في الدُّنيا، قَالَ تعالى: ﴿وَمَن يَقۡتُلۡ مُؤۡمِنٗا مُّتَعَمِّدٗا فَجَزَآؤُهُۥ جَهَنَّمُ خَٰلِدٗا فِيهَا وَغَضِبَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِ وَلَعَنَهُۥ وَأَعَدَّ لَهُۥ عَذَابًا عَظِيمٗا [النساء: 93] وذَلِكَ لِحُرْمَةِ المُؤْمِنِ عِنْدَ اللَّهِ تعالى وعَظِيمِ مَنْزِلَتِهِ؛ لأَِنَّهُ دَخَلَ في دِينِ اللَّهِ، وأَصْبَحَ من عِبَادِ اللَّهِ، فَمَنْ تَعَدَّى عَلَيْهِ فَقَدْ تَوَعَّدَهُ اللَّهُ بِهَذَا الوَعِيدِ، وقَدْ كَتَبَ اللَّهُ عَلَى اليَهُودِ في التَّوْرَاةِ: ﴿أَنَّهُۥ مَن قَتَلَ نَفۡسَۢا بِغَيۡرِ نَفۡسٍ أَوۡ فَسَادٖ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ ٱلنَّاسَ جَمِيعٗا [المائدة: 32]، وذَلِكَ لِعَظَمَةِ حُرْمَةِ المُؤْمِنِ عِنْدَ اللَّهِ تعالى.

وأَنْتُم تَعْلَمُونَ قِصَّةَ ابْنَيْ آدَمَ قَالَ تَعَالَى: ﴿۞وَٱتۡلُ عَلَيۡهِمۡ نَبَأَ ٱبۡنَيۡ ءَادَمَ بِٱلۡحَقِّ إِذۡ قَرَّبَا قُرۡبَانٗا فَتُقُبِّلَ مِنۡ أَحَدِهِمَا وَلَمۡ يُتَقَبَّلۡ مِنَ ٱلۡأٓخَرِ قَالَ لَأَقۡتُلَنَّكَۖ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ ٱللَّهُ مِنَ ٱلۡمُتَّقِينَ ٢٧لَئِنۢ بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقۡتُلَنِي مَآ أَنَا۠ بِبَاسِطٖ يَدِيَ إِلَيۡكَ لِأَقۡتُلَكَۖ إِنِّيٓ أَخَافُ ٱللَّهَ رَبَّ ٱلۡعَٰلَمِينَ ٢٨إِنِّيٓ أُرِيدُ أَن تَبُوٓأَ بِإِثۡمِي وَإِثۡمِكَ فَتَكُونَ مِنۡ أَصۡحَٰبِ ٱلنَّارِۚ وَذَٰلِكَ جَزَٰٓؤُاْ ٱلظَّٰلِمِينَ ٢٩فَطَوَّعَتۡ لَهُۥ نَفۡسُهُۥ قَتۡلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُۥ فَأَصۡبَحَ مِنَ ٱلۡخَٰسِرِينَ ٣٠ [المائدة: 27- 30]، وقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (25)، ومسلم رقم (22).