×
محاضرات في العقيدة والدعوة الجزء الثاني

 تكَاسُلاً - فَإِنَّهُم لا يَحْكُمُونَ عَلَى مُرْتَكِبِهَا - أَي الكَبَائِر - بالكُفْرِ، وإِنَّمَا يَحْكُمُونَ عَلَيْهِ بالفِسْقِ ونَقْصِ الإِيمَانِ، وإِذَا لَم يَتُبْ مِنْهَا فَإِنَّهُ تَحْتَ المَشِيئَةِ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ غَفَرَ لَهُ وإِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ، لَكِنَّهُ لا يَخْلُدُ في النَّارِ، قَالَ تَعَالَى: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَغۡفِرُ أَن يُشۡرَكَ بِهِۦ وَيَغۡفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَآءُۚ [النساء: 48].

ومَذْهَبُ أَهْلِ السُّنَّةِ في ذَلِكَ وسطٌ بَيْنِ الخَوَارِجِ الَّذِينَ يُكَفِّرُونَ مُرْتَكِبَ الكَبِيرَةِ إِنْ كَانَتْ دُونَ الشِّرْكِ، وبَيْنَ المُرْجِئَةِ الَّذِينَ يَقُولُونَ: هُوَ مُؤْمِنٌ كَامِل الإِيمَانِ، ويَقُولُونَ: لا يَضُرُّ مَعَ الإِيمَانِ مَعْصِيَةٌ كَمَا لا يَنْفَعُ مَعَ الكُفْرِ طَاعَةٌ.

الأَصْلُ الرَّابِعُ

****

ومِنْ أُصُولِ أَهْلِ السُّنَّةِ والجَمَاعَةِ وُجُوبُ طَاعَةِ وُلاَةِ أُمُورِ المُسْلِمِينَ مَا لَم يَأْمُرُوا بِمَعْصِيَةِ، فَإِذَا أَمَرُوا بِمَعْصِيَةٍ فلا تَجُوزُ طَاعَتَهُم فِيهَا، وتَبْقَى طَاعَتُهُم بالمَعْرُوفِ في غَيْرِهَا عَمَلاً بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ وَأُوْلِي ٱلۡأَمۡرِ مِنكُمۡۖ [النساء: 59]، وقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللهِ، وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ، وَإِنْ تَأَمَّرَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ» ([1])، ويَرَوْنَ الصَّلاَةَ خَلْفَهُم، والجِهَادَ مَعَهُم، والدُّعَاءَ لَهُم بِالصَّلاَحِ والاسْتِقَامَةِ ومُنَاصَحَتَهُم.


الشرح

([1])  أخرجه: أبو داود رقم (4607)، والترمذي رقم (2676)، وابن ماجه رقم (42)، وأحمد رقم (17142).