بِقَصْدِ إِضْلاَلِ الخَلْقِ وابْتِزَازِ
أَمْوَالِهِم، والكَرَامَةُ سَبَبُهَا الطَّاعَةُ، والشَّعْوَذَةُ سَبَبُهَا
الكُفْرُ والمَعَاصِي.
الأَصْلُ التَّاسِعُ
****
ومِنْ
أُصُولِ أَهْلِ السُّنَّةِ والجَمَاعَةِ في الاسْتِدْلاَلِ اتِّبَاعُ مَا جَاءَ في
كِتَابِ اللَّهِ أو سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَاطِنًا
وظَاهِرًا، واتِّبَاعُ مَا كَانَ عَلَيْهِ الصَّحَابَةُ مِنَ المُهَاجِرِينَ
والأَنْصَارِ عُمُومًا، واتِّبَاعُ الخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ خُصُوصًا، حَيْثُ
أَوْصَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِذَلِكَ في قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: «عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ
الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ» ([1]).
ولا يُقَدِّمُونَ عَلَى كَلاَمِ اللَّهِ وكَلاَمِ رَسُولِهِ كَلاَمَ أَحَدٍ مِنَ
النَّاسِ، ولِهَذَا سُمُّوا أَهْل الكِتَابِ والسُّنَّةِ، وبَعْدَ أَخْذِهِم
بِكِتَابِ اللَّهِ وسُنَّةِ رَسُولِهِ يَأْخُذُونَ بِمَا أَجْمَعَ عَلَيْهِ
عُلَمَاءُ الأُمَّةِ، وهَذَا هُوَ الأَصْلُ الثَّالِثُ الَّذِي يَعْتَمِدُونَ
عَلَيْهِ بَعْدَ الأَصْلَيْنِ الأَوَّلَيْنِ: الكِتَابُ والسُّنَّةُ، ومَا
اخْتَلَفَ فِيهِ النَّاسُ رَدُّوهُ إِلَى الكِتَابِ والسُّنَّةِ عَمَلاً
بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَإِن
تَنَٰزَعۡتُمۡ فِي شَيۡءٖ فَرُدُّوهُ إِلَى ٱللَّهِ وَٱلرَّسُولِ إِن كُنتُمۡ
تُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِۚ ذَٰلِكَ خَيۡرٞ وَأَحۡسَنُ
تَأۡوِيلًا﴾ [النساء: 59].
فَهُمْ لا يَعْتَقِدُونَ العِصْمَةَ لأَِحَدٍ غَيْرَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ولا يَتَعَصَّبُونَ لِرَأْيِ أَحَدٍ حَتَّى يَكُونَ مُوَافِقًا لِلكِتَابِ والسُّنَّةِ، ويَعْتَقِدُونَ أَنَّ المُجْتَهِدَ يُخْطِئُ ويُصِيبُ، ولا يَسْمَحُونَ بالاجْتِهَادِ إلاَّ لِمَنْ تَوَفَّرَتْ فِيهِ شُرُوطُهُ المَعْرُوفَةُ عِنْدَ أَهْلِ العِلْمِ، ولا إِنْكَارَ عِنْدَهُم في مَسَائِل ِالاجْتِهَادِ السَّائِغِ، فالاِخْتِلاَفُ عِنْدَهُم في المَسَائِلِ الاجْتِهَادِيَّةِ لا يُوجِبُ العَدَاوَةَ والتهاجر
([1]) أخرجه: أبو داود رقم (4607)، والترمذي رقم (2676)، وابن ماجه رقم (42)، وأحمد رقم (17142).