×
محاضرات في العقيدة والدعوة الجزء الثاني

بَيْنَهُم كَمَا يَفْعَلُهُ المُتَعَصِّبَةُ وأَهْلُ البِدَعِ، بَلْ يُحِبُّ بَعْضُهُم بَعْضًا، ويُوَالِي بَعْضُهُم بَعْضًا، ويُصَلِّي بَعْضُهُم خَلْفَ بَعْضٍ، بالرغم من اخْتِلاَفِهِم في بَعْضِ المَسَائِلِ الفَرْعِيَّةِ، بِخِلاَفِ أَهْلِ البِدَعِ فَإِنَّهُم يُعَادُونَ أو يُضَلِّلُونَ أو يُكَفِّرُونَ من خَالَفَهُم.

الخَاتِمَةُ

****

ثُمَّ هُمْ مَعَ هَذِهِ الأُصُولِ الَّتِي مَرَّ ذِكْرُهَا يَتَحَلَّوْنَ بِصِفَاتٍ عَظِيمَةٍ هِيَ من مُكَمِّلاَتِ العَقِيدَةِ، ومِنْ أَعْظَمِ هَذِهِ الصِّفَاتِ:

أَوَّلاً: أَنَّهُم يَأْمُرُونَ بالمَعْرُوفِ ويَنْهَوْنَ عَنِ المُنْكَرِ عَلَى مَا تُوجِبُهُ الشَّرِيعَةُ عَمَلاً بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿كُنتُمۡ خَيۡرَ أُمَّةٍ أُخۡرِجَتۡ لِلنَّاسِ تَأۡمُرُونَ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَتَنۡهَوۡنَ عَنِ ٱلۡمُنكَرِ وَتُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِۗ [آل عمران: 110].

وبِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الإِْيمَانِ» ([1]).وقُلْنَا عَلَى مَا تُوجِبُهُ الشَّرِيعَةُ خِلاَفًا لِلمُعْتَزِلَةِ الَّذِينَ يَخْرُجُونَ بالأَمْرِ بالمَعْرُوفِ والنَّهْيِ عَنِ المُنْكَرِ عَمَّا تُوجِبُهُ الشَّرِيعَةُ، فَيَرَوْنَ أَنَّ الأَمْرَ بالمَعْرُوفِ والنَّهْيَ عَنِ المُنْكَرِ هُوَ الخُرُوجُ عَلَى وُلاَةِ أَمْرِ المُسْلِمِينَ إِذَا ارْتَكَبُوا مَعْصِيَةً وإِنْ كَانَتْ دُونَ الكُفْرِ، فَأَهْلُ السُّنَّةِ والجَمَاعَةِ يَرَوْنَ مُنَاصَحَتَهُم في ذَلِكَ دُونَ الخُرُوجِ عَلَيْهِم؛ وذَلِكَ لأَِجْلِ جَمْعِ الكَلِمَةِ والابْتِعَادِ عَنِ الفُرْقَةِ والاخْتِلاَفِ، قَالَ شَيْخُ الإِسْلاَمِ ابْنُ تِيمِية رحمه الله: «ولَعَلَّهُ لا يَكَادُ يعرف طَائِفَةٌ خَرَجَتْ عَلَى ذِي سُلْطَانٍ إلاَّ وكَانَ في خُرُوجِهَا مِنَ الفَسَادِ أَكْثَرَ مِنَ الَّذِي في إِزَالَتِهِ» ([2]).


الشرح

([1])  أخرجه: مسلم الإيمان (49).

([2])  انظر: مجموع الفتاوي (28/ 179).