ونَهَاهُم عَنِ الاخْتِلاَفِ والتَّفَرُّقِ
فَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَلَا
تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَٱخۡتَلَفُواْ مِنۢ بَعۡدِ مَا جَآءَهُمُ ٱلۡبَيِّنَٰتُۚ
وَأُوْلَٰٓئِكَ لَهُمۡ عَذَابٌ عَظِيمٞ﴾
[آل عمران: 105]، وقَالَ تَعَالَى﴿وَٱعۡتَصِمُواْ بِحَبۡلِ ٱللَّهِ جَمِيعٗا وَلَا
تَفَرَّقُواْۚ﴾ [آل عمران: 103].
وقَدْ
شَرَعَ لَهُم سُبْحَانَهُ الاجْتِمَاعَ في أَدَاءِ العِبَادَاتِ في الصَّلاَةِ
والصِّيَامِ والحَجِّ وطَلَبِ العِلْمِ، والنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم كَانَ
يَحُثُّ عَلَى اجْتِمَاعِ المُسْلِمِينَ ويَنْهَاهُم عَنِ التَّفَرُّقِ،
والاخْتِلاَفِ وكَانَ صلى الله عليه وسلم يُخْبِرُ خَبَرًا مَعْنَاهُ الحَثُّ
عَلَى الاجْتِمَاعِ والنَّهْيُ عَنِ التَّفَرُّقِ، فَكَانَ يُخْبِرُ بِحُدُوثِ
تَفَرُّقٍ في هَذِهِ الأُمَّةِ كَمَا حَصَلَ لِلأُمَمِ قَبْلَهَا حَيْثُ قَالَ صلى
الله عليه وسلم: «فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ
مِنْكُمْ فَسَيَرَى اخْتِلاَفًا كَثِيرًا، فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ
الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ مِنْ بَعْدِي» ([1])،
وقَالَ صلى الله عليه وسلم: «افْتَرَقَتِ
الْيَهُودُ عَلَى إِحْدَى وَسَبْعِينَ فِرْقَةً، وَافْتَرَقَتِ النَّصَارَى عَلَى
اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً، وَسَتَفْتَرِقُ هَذِهِ الأُْمَّةِ عَلَى
ثَلاَثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً، كُلُّهَا فِي النَّارِ إلاَّ وَاحِدَةً»
قُلْنا: مَن هِيَ يَا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ؟ قال: «مَنْ كَانَ عَلَى مِثْلِ مَا أَنَا عَلَيْهِ
وَأَصْحَابِي» ([2]).
وقَدْ وقَعَ مَا أَخْبَرَ بِهِ صلى الله عليه وسلم فَتَفَرَّقَتِ الأُمَّةُ في أَوَاخِرِ عَصْرِ الصَّحَابَةِ، ولَكِنْ هَذَا التَّفَرُّقُ لَم يُؤَثِّرْ كَثِيرًا في كِيَانِ الأُمَّةِ طِيلَةَ عَصْرِ القُرُونِ المُفَضَّلَةِ الَّتِي أَثْنَى عَلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِقَوْلِهِ: «خَيْرُكُمْ قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ» ([3]).
([1]) أخرجه: أبو داود رقم (4607)، والترمذي رقم (2676)، وابن ماجه رقم (42)، وأحمد رقم (17142).