وكَذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ في حَقِّ الأَفْرَادِ
يَقُولُ اللَّهُ تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا
ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِذَا ضَرَبۡتُمۡ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ فَتَبَيَّنُواْ وَلَا
تَقُولُواْ لِمَنۡ أَلۡقَىٰٓ إِلَيۡكُمُ ٱلسَّلَٰمَ لَسۡتَ مُؤۡمِنٗا تَبۡتَغُونَ
عَرَضَ ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا فَعِندَ ٱللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٞۚ كَذَٰلِكَ
كُنتُم مِّن قَبۡلُ فَمَنَّ ٱللَّهُ عَلَيۡكُمۡ فَتَبَيَّنُوٓاْۚ إِنَّ ٱللَّهَ
كَانَ بِمَا تَعۡمَلُونَ خَبِيرٗا﴾
[النساء: 94].
سَبَبُ
نُزُولِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِذَا ضَرَبۡتُمۡ
فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ﴾ [النساء:
94] الآيَةُ:
هَذِهِ
الآيَةُ نَزَلَتْ بِسَبَبِ أَنَّ جَمَاعَةً مِنَ الصَّحَابَةِ خَرَجُوا لِلجِهَادِ
فالتَقَوْا بِرَاعِي غنيمَةٍ يَرْعَى غَنَمَه فَلَمَّا رَآهُم قَالَ لَهُم:
السَّلاَمُ عَلَيْكُم، ولَكِنَّهُم لَم يَقْبَلُوا مِنْهُ السَّلاَمَ وقَتَلُوهُ
وأَخَذُوا غُنَيْمَتَه وظَنُّوا أَنَّهُ إِنَّمَا أَلْقَى إِلَيْهِم السَّلاَمَ من
أَجْلِ أَنْ يَتَسَتَّرَ عَلَى نَفْسِهِ، وأَنْ يَسْلَمَ عَلَى دَمِهِ وغَنَمِهِ
وأَنَّهُ مَا أَلْقَى لأَِنَّهُ مُسْلِمٌ وإِنَّمَا قَالَ هَذَا من بَابِ
التَّسَتُّرِ.
فاللَّهُ
جل وعلا عَاتَبَهُم عَلَى ذَلِكَ، وقَالَ: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِذَا ضَرَبۡتُمۡ فِي
سَبِيلِ ٱللَّهِ﴾ [النساء:
94]، يَعْنِي: لِلجِهَادِ ﴿فَتَبَيَّنُواْ﴾
[النساء: 94].
يَعْنِي:
تَثَبَّتُوا ﴿وَلَا
تَقُولُواْ لِمَنۡ أَلۡقَىٰٓ إِلَيۡكُمُ ٱلسَّلَٰمَ لَسۡتَ مُؤۡمِنٗا﴾ [النساء: 94] ومَا الَّذِي يُدْرِيكُم أَنَّهُ لَيْسَ
مُؤْمِنًا مَا دَامَ أَنَّهُ أَظْهَرَ الإِيمَانَ وأَظْهَرَ الإِسْلاَمَ وسَلَّمَ
بِتَحِيَّةِ الإِسْلاَمِ، فالوَاجِبُ أَنْ تَتَثَبَّتُوا ولا تَتَعَجَّلُوا
عَلَيْهِ بالحُكْمِ وتَقُولُونَ ﴿لَسۡتَ مُؤۡمِنٗا﴾
[النساء: 94].
فَمَا
الَّذِي أَدْرَاكُم أَنَّهُ لَيْسَ بِمُؤْمِنٍ، هَلْ شَقَقْتُم عَنْ قَلْبِهِ؟
هَذَا التَّسَرُّعُ لا يُقِرُّهُ اللَّهُ تعالى حَتَّى من أَفْضَلِ خَلْقِهِ بَعْدَ الأَنْبِيَاءِ وهُم الصَّحَابَةُ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِم لَمَّا تَسَرَّعُوا عَاتَبَهُم اللَّهُ.