×
محاضرات في العقيدة والدعوة الجزء الثاني

·        قَاعِدَةٌ في عَدَمِ التَّسَرُّعِ في الأُمُورِ وأَنَّ الحُكْمَ في الأُمُورِ يَكُونُ بِالظَّاهِرِ:

وهَذِهِ قَاعِدَةٌ لِهَذِهِ الأُمَّةِ إِلَى أَنْ تَقُومَ السَّاعَةُ أَنَّهُم لا يَتَسَرَّعُوا في الأُمُورِ والأَحْكَامِ ولا يَحْكُمُونَ عَلَى الإِنْسَانِ أَنَّهُ لَيْسَ بِمُسْلِمٍ إِذَا أَظْهَرَ الإِسْلاَمَ، مَنِ الَّذِي يَدْرِي؟! اللَّهُ هُوَ الَّذِي يَعْلَمُ، أَمَّا نَحْنُ فَلَيْسَ لَنَا إلاَّ الظَّاهِر، فَمَنْ أَظْهَرَ لَنَا الخَيْرَ تَقَبَّلْنَاهُ مِنْهُ ونَكلُ بَاطِنَ أَمْرِهِ إِلَى اللَّهِ عز وجل ولِهَذَا يَقُولُ صلى الله عليه وسلم: «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ، حَتَّى يَقُولُوا لاَ إِلَهَ إلاَّ اللهُ، فَإِذَا قَالُوهَا، عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إلاَّ بِحَقِّهَا، وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللهِ» ([1]).

فلا يُحْكَمُ عَلَى مَنْ أَظْهَرَ الإِسْلاَمَ أَنَّهُ لَيْسَ مُسْلِمًا إلاَّ إِذَا تَبَيَّنَ مِنْهُ مَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ صِحَّةِ إِسْلاَمِهِ من قَوْلٍ أو فِعْلٍ يَقْتَضِي الرِّدَّةَ عَنِ الإِسْلاَمِ، وقِيلَ: إِنَّ هَذِهِ الآيَةَ نَزَلَتْ في شَأْنِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدِ وعَنْ أَبِيهِ، وذَلِكَ أَنَّ أُسَامَةَ طَلَبَ رَجُلاً مِنَ الكُفَّارِ لِيَقْتُلَهُ فَلَمَّا أَدْرَكَهُ قَالَ الكَافِرُ: أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إلاَّ اللَّهُ، ولَكِنَّ أُسَامَةَ تَسَرَّعَ فَقَتَلَهُ بَعْدَ مَا قَالَ: لا إِلَهَ إلاَّ اللَّهُ.

فَلَمَّا عَلِمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِذَلِكَ أَنْكَرَ عَلَيْهِ وشَدَّدَ الإِنْكَارَ، وقَالَ لَهُ: «أَقَتَلْتَهُ بَعْدَمَا قَالَ لاَ إِلَهَ إلاَّ الله»... وَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّمَا قَالَهَا يَتَسَتَّرُ بِهَا أو يَتَّقِي بِهَا السَّيْفَ فَقَالَ لَهُ الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم: «هَلْ شَقَقْتَ عَنْ قَلْبِهِ»؟ فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا ويَقُولُ: «أَقَتَلْتَهُ بَعْدَمَا قَالَ لاَ إِلَهَ إلاَّ الله؟ ومَاذَا تَفْعَلُ بِلاَ إِلَهَ إلاَّ الله إِذَا جَاءَتْ يَوْمَ القِيَامَةِ»، فَعِنْدَ ذَلِكَ


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (25)، مسلم رقم (22).