نَدِمَ أُسَامَةُ نَدَمًا شَدِيدًا، وقَالَ:
تَمَنَّيْتُ أَنِّي لَم أَكُنْ أَسْلَمْتُ قَبْلَ ذَلِكَ اليَوْمِ ([1])([2]).
وهَذَا
دَرْسٌ عَظِيمٌ لِلأُمَّةِ بِأَنَّهُم لا يَتَسَرَّعُونَ في الأُمُورِ حَتَّى
يَتَثَبَّتُوا وحَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُم الحَقُّ.
أَثَرُ
التَّسَرُّعِ ونَتَائِجِهِ بِالنِّسْبَةِ لِلدِّمَاءِ والأَعْرَاضِ مِثَالُ ذَلِكَ
قِصَّةُ الإِفْكِ:
أَمَّا
التَّسَرُّعُ دَائِمًا فَإِنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى النَّدَمِ وإِلَى مَا لا تُحْمَدُ
عُقْبَاهُ هَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلدِّمَاءِ، وكَذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ لأَِعْرَاضِ
المُسْلِمِينَ لا يَجُوزُ لَنَا أَنْ نَتَسَرَّعَ في قَبُولِ الشَّائِعَاتِ
وقَبُولِ الأَخْبَارِ الكَاذِبَةِ، ولِهَذَا يَقُولُ تعالى في حَادِثِ الإِفْكِ
الَّذِي قَصَّهُ اللَّهُ سبحانه وتعالى عَلَيْنَا في كِتَابِهِ لَمَّا اتَّهَمَ
المُنَافِقُونَ عَائِشَةَ أَمّ المُؤْمِنِينَ مِمَّا بَرَّأَهَا اللَّهُ تعالى
مِنْهُ، قَالَ اللَّهُ تعالى: ﴿لَّوۡلَآ إِذۡ سَمِعۡتُمُوهُ ظَنَّ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ وَٱلۡمُؤۡمِنَٰتُ
بِأَنفُسِهِمۡ خَيۡرٗا وَقَالُواْ هَٰذَآ إِفۡكٞ مُّبِينٞ ١٢لَّوۡلَا جَآءُو عَلَيۡهِ
بِأَرۡبَعَةِ شُهَدَآءَۚ فَإِذۡ لَمۡ يَأۡتُواْ بِٱلشُّهَدَآءِ فَأُوْلَٰٓئِكَ عِندَ
ٱللَّهِ هُمُ ٱلۡكَٰذِبُونَ ١٣﴾
[النور: 12- 13].
إِلَى
قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَلَوۡلَآ
إِذۡ سَمِعۡتُمُوهُ قُلۡتُم مَّا يَكُونُ لَنَآ أَن نَّتَكَلَّمَ بِهَٰذَا سُبۡحَٰنَكَ
هَٰذَا بُهۡتَٰنٌ عَظِيمٞ ١٦يَعِظُكُمُ ٱللَّهُ أَن تَعُودُواْ لِمِثۡلِهِۦٓ
أَبَدًا إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِينَ ١٧﴾
[النور: 16- 17].
الأَصْلُ في المُسْلِمِ العَدَالَةُ، والأَصْلُ في المُسْلِمِ النَّزَاهَةُ فلا نَتَسَرَّعُ إِذَا رَمَاهُ أَحَدٌ بِسُوءٍ أو بِارْتِكَابِ الفَاحِشَةِ لا نَتَسَرَّعُ بِقَبُولِ ذَلِكَ بَلْ نَتَثَبَّتُ غَايَةَ التَّثَبُّتِ.
([1]) أخرجه: البخاري رقم (6478)، ومسلم رقم (96).