وقِصَّةُ الإِفْكِ الكَذِبُ فِيهَا ظَاهِرٌ
جِدًّا؛ لأَِنَّهُ لا يُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ زَوْجَةُ نَبِيِّ اللَّهِ بِهَذَا
الوَصْفِ؛ لأَِنَّ اللَّهَ لا يَخْتَارُ لِنَبِيِّهِ إلاَّ الطَّيِّبَاتِ كَمَا
قَالَ تَعَالَى ﴿ٱلۡخَبِيثَٰتُ
لِلۡخَبِيثِينَ وَٱلۡخَبِيثُونَ لِلۡخَبِيثَٰتِۖ وَٱلطَّيِّبَٰتُ لِلطَّيِّبِينَ
وَٱلطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَٰتِۚ أُوْلَٰٓئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَۖ
لَهُم مَّغۡفِرَةٞ وَرِزۡقٞ كَرِيمٞ﴾
[النور: 26].
فالكَذِبُ
في قِصَّةِ الإِفْكِ ظَاهِرٌ ولِذَلِكَ يَقُولُ اللَّهُ: ﴿لَّوۡلَآ إِذۡ سَمِعۡتُمُوهُ ظَنَّ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ وَٱلۡمُؤۡمِنَٰتُ
بِأَنفُسِهِمۡ خَيۡرٗا﴾
[النور: 12]، قِيلَ: مَعْنَاهَا أَنَّ نُفُوسَ المُؤْمِنِينَ كَالنَّفْسِ
الوَاحِدَةِ فَإِذَا سَمِعْتَ في أَخِيكَ شَائِعَةً فَاعْتَبِرْ هَذَا كَأَنَّهُ
فِيكَ أَنْتَ؛ لأَِنَّ المُسْلِمِينَ أُمَّةٌ واحِدَةٌ وجَسَدٌ واحِدٌ.
كَمَا
في قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَسَلِّمُواْ
عَلَىٰٓ أَنفُسِكُمۡ﴾ [النور:
61].
يَعْنِي:
لا يَقْتُلْ بَعْضُكُم بَعْضًا، وقَالَ تعالى: ﴿فَسَلِّمُواْ عَلَىٰٓ أَنفُسِكُمۡ﴾ [النور: 61]، يَعْنِي: يُسَلِّمْ بَعْضُكُم عَلَى بَعْضٍ
فَاعْتَبَرَ المُؤْمِنِينَ كَالنَّفْسِ الوَاحِدَةِ، وقِيلَ مَعْنَاهُ واللَّهُ
أَعْلَم: إِذَا سَمِعَ المُؤْمِنُ هَذِهِ الشَّائِعَةَ فَلْيُطَبِّقْهَا عَلَى
نَفْسِهِ هَلْ يَرْضَى لِنَفْسِهِ أَنْ يُقَالَ فِيهَا هَذَا، وهل تَرْضَى هَذَا
لِنَفْسِكَ فَكَيْفَ تَرْضَاهُ لِغَيْرِكَ من إِخْوَانِكَ المُسْلِمِينَ.
هَذَا بِالنِّسْبَةِ لأَِعْرَاضِ المُسْلِمِينَ، يَجِبُ أَنْ تُصَانَ وأَلاَّ تُصَدَّقَ فِيهَا الشَّائِعَاتُ والأَخْبَارُ من غَيْرِ تَثَبُّتٍ حَتَّى لَوْ ثَبَتَ أَنَّ مُسْلِمًا صَدَرَتْ مِنْهُ جَرِيمَةٌ أو وقَعَ في جَرِيمَةٍ فِعْلاً فَإِنَّهُ يَجِبُ السِّتْرُ عَلَيْهِ وعَدَمِ إِشَاعَةِ ذَلِكَ بَيْنَ النَّاسِ؛ لأَِنَّ المُسْلِمِينَ كَالْجَسَدِ الوَاحِدِ فَكَيْفَ والخَبَرُ كُلُّهُ كَذِبٌ، وكُلُّهُ بُهْتَانٌ.