×
محاضرات في العقيدة والدعوة الجزء الثاني

·        تَعْرِيفُ النَّمِيمَةِ:

والنَّمِيمَةُ هِيَ: نَقْلُ الحَدِيثِ بَيْنَ النَّاسِ عَلَى وجْهِ الإِفْسَادِ بَيْنَهُم يَقُولُ اللَّهُ تعالى: ﴿وَلَا تُطِعۡ كُلَّ حَلَّافٖ مَّهِينٍ ١٠هَمَّازٖ مَّشَّآءِۢ بِنَمِيمٖ ١١ [القلم: 10- 11].

وأَشَدُّ ذَلِكَ كُلِّهِ الَّذِي يَسْعَى بَيْنَ طَلَبَةِ العِلْمِ وبَيْنَ الدُّعَاةِ من أَجْلِ إِفْسَادِ مَا بَيْنَهُم، ومِنْ أَجْلِ تَشْتِيتِ الجَمَاعَةِ المُسْلِمَةِ، ومِنْ أَجْلِ أَنْ يَحْقِدَ بَعْضُهُم عَلَى بَعْضٍ، الَّذِي يَفْعَلُ هَذَا نَمَّامٌ، وقَدْ نَهَى اللَّهُ عَنْ تَصْدِيقِهِ وعَنْ طَاعَتِهِ - حَتَّى ولَوْ حَلَفَ - بِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: ﴿وَلَا تُطِعۡ كُلَّ حَلَّافٖ مَّهِينٍ ١٠هَمَّازٖ مَّشَّآءِۢ بِنَمِيمٖ ١١ [القلم: 10- 11]، وقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ نَمَّامٌ» ([1]).

وفي الأَثَرِ أَنَّ النَّمَّامَ يُفْسِدُ في سَاعَةٍ مَا يُفْسِدُهُ السَّاحِرُ في سَنَةٍ، والنَّمِيمَةُ مِنَ السِّحْرِ؛ لأَِنَّ السِّحْرَ يُفْسِدُ بَيْنَ النَّاسِ ويُوقِعُ العَدَاوَةَ بَيْنَ النَّاسِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿فَيَتَعَلَّمُونَ مِنۡهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِۦ بَيۡنَ ٱلۡمَرۡءِ وَزَوۡجِهِۦۚ [البقرة: 102].

يَعْنِي: السِّحْرَ، فالسِّحْرُ يُفَرِّقُ بَيْنَ القُلُوبِ ويُحْدِثُ البَغْضَاءَ، وكَذَلِكَ النَّمِيمَةُ هِيَ أَشَدُّ مِنَ السِّحْرِ رُبَّمَا تَقُومُ حُرُوبٌ طَاحِنَةٌ بِسَبَبِ نَمَّامٍ، ورُبَّمَا يَتَفَرَّقُ المُسْلِمُونَ ويَتَبَاغَضُونَ ويَتَفَرَّقُونَ بِسَبَبِ نَمَّامٍ.

فَعَلَيْنَا أَنْ نَتَّقِيَ اللَّهَ عز وجل وأَنْ نُحَذِّرَ مِنَ النَّمَّامِينِ.

وقَالَ صلى الله عليه وسلم لَمَّا مَرَّ بِقَبْرَيْنِ قَالَ: «إِنَّهُمَا لَيُعَذَّبَانِ، وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ. بَلَى إِنَّهُ كَبِيرٌ، أَمَّا أَحَدُهُمَا فَكَانَ يَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ، وَأَمَّا الآخَرُ فَكَانَ لاَ يَسْتَبْرِئُ مِنْ بَوْلِهِ» ([2]).


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (5709)، مسلم رقم (105).

([2])  أخرجه: البخاري رقم (213)، ومسلم رقم (292).