وعِكْرِمَةُ، وقتَادةُ، وغَيْرُهُم، انْظُرْ «تَفْسِيرَ ابْنِ كَثِيرٍ» ([1]).
فاللَّهُ
أَمَرَ نَبِيَّهُ أَنْ يَهْجُرَ الأَصْنَامَ وأَهْلَهَا وعَبَدَتَهَا بِأَنْ
يَتْرُكَهُم، فالكَافِرُ والمُشْرِكُ يُهْجَرُ هَجْرًا تَامًّا إِلَى أَنْ
يُسْلِمَ ويَدْخُلَ في دِينِ اللَّهِ عز وجل.
·
حُكْمُ
الهَجْرِ في حَقِّ المُسْلِمِ العَاصِي:
والمُسْلِمُ
إِذَا ارْتَكَبَ كَبِيرَةً من كَبَائِرِ الذُّنُوبِ ولَم تُجْدِ فِيهِ
النَّصِيحَةُ واسْتَمَرَّ عَلَى المَعْصِيَةِ وكَانَ الهَجْرُ فِيهِ عِلاَجًا
لَهُ، وفِيهِ رَجَاء لِتَوْبَتِهِ فَإِنَّهُ يُهْجَرُ؛ لأَِنَّ النَّبِيَّ صلى
الله عليه وسلم هَجَرَ بَعضَ أَصْحَابِهِ فَقَدْ هَجَرَ الثَّلاَثَةَ الَّذِينَ
خُلِّفُوا هَجَرَهُم خَمْسِينَ لَيْلَة وأَمَرَ النَّاسَ بِهَجْرِهِم حَتَّى تَابَ
اللَّهُ عَلَيْهِم، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿وَعَلَى ٱلثَّلَٰثَةِ ٱلَّذِينَ خُلِّفُواْ حَتَّىٰٓ إِذَا
ضَاقَتۡ عَلَيۡهِمُ ٱلۡأَرۡضُ بِمَا رَحُبَتۡ وَضَاقَتۡ عَلَيۡهِمۡ أَنفُسُهُمۡ
وَظَنُّوٓاْ أَن لَّا مَلۡجَأَ مِنَ ٱللَّهِ إِلَّآ إِلَيۡهِ ثُمَّ تَابَ
عَلَيۡهِمۡ لِيَتُوبُوٓاْۚ إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلتَّوَّابُ ٱلرَّحِيمُ﴾ [التوبة: 118].
فَإِذَا
كَانَ هَجْرُ العَاصِي مَصْلَحَةً رَاجِحَةً بِأَنْ يَتُوبَ ويَخْجَلَ ويَرْجِعَ
عَنْ ذُنُوبِهِ فَإِنَّ الهَجْرَ مَطْلُوبٌ.
أَمَّا
إِذَا كَانَ هَجْرُهُ لا يَزِيدُ إلاَّ شَرًّا ولا يَزِيدُهُ إلاَّ مَعْصِيَةً
فَإِنَّ الهَجْرَ حِينئِذٍ لا يَجُوزُ بَلْ تُوَاصِلُ مَعَهُ النَّصِيحَةَ
والمُجَالَسَةَ لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَهْدِيَهُ أو يُخَفِّفَ من شَرِّهِ عَلَى
الأَقَلِّ.
·
هَجْرُ
المُؤْمِنِ المُسْتَقِيمِ:
وأَمَّا هَجْرُ المُؤْمِنِ المُسْتَقِيمِ فَهَذَا حَرَامٌ إِذَا لَم تَصْدُرْ مِنْهُ مَعْصِيَةٌ ولِهَذَا نَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنِ الَتَّدَابُر والتَّقَاطُعِ فَقَالَ: «لاَ تَحَاسَدُوا، وَلاَ تَقَاطَعُوا،
([1]) انظر: زاد المسير لابن الجوزي (9/ 401، 402).