وَلاَ تَدَابَرُوا،
وَكُونُوا عِبَادَ اللهِ إِخْوَانًا، وَلاَ يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ
أَخَاهُ فَوْقَ ثَلاَثِ» ([1]).
يَعْنِي:
إِنْ كَانَ لا بُدَّ لِيَكُنْ إِلَى ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ ومَا زَادَ عَلَيْهَا لا
يَجُوزُ إِذَا كَانَ الهَجْرُ من أَجْلِ أُمُورِ الدُّنْيَا، مِثْل إِنْسَانٍ
أَخَذَ شَيْئًا من مَالِكَ، أو اعْتَدَى عَلَيْكَ بِشَيْءٍ من أُمُورِ الدُّنْيَا
فَغَضِبْتَ عَلَيْهِ إِنَّ الَّذِي يَنْبَغِي أَنْ تَدْفَعَ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَن،
وإِنْ كَانَ ولا بُدَّ فَإِنَّكَ تَهْجُرُهُ إِلَى ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ ثُمَّ
بَعْدَ ذَلِكَ يَحْرُمُ عَلَيْكَ أَنْ تَهْجُرَهُ أَكْثَرَ من ذَلِكَ؛ لأَِنَّهُ
مُسْلِمٌ.
فالهجْرَةُ
إِذْنٌ مِنْهَا هَجْرٌ دَائِمٌ وهُوَ هَجْرُ المُشْرِكِ، وهَجْرُ الحَاجَةِ وهُوَ
هَجْرُ العَاصِي حَتَّى يَتُوبَ، وهَجْرٌ لا يَجُوزُ وهُوَ هَجْرُ المُسْلِمِ من
أَجْلِ أَمْرٍ من أُمُورِ الدُّنْيَا؛ لأَِنَّ المَطْلُوبَ مِنَ المُسْلِمِينَ
هُوَ الاجْتِمَاعُ والتَّعَاوُنُ عَلَى البِرِّ والتَّقْوَى والتَّآلُفِ عَلَى الخَيْرِ.
والتَّهَاجُرُ
إِنَّمَا يَقَعُ بِسَبَبِ شَيَاطِين الجِنِّ والإِنْسِ يوقعونه بَيْنَ
المُسْلِمِينَ لِتَشْتِيتِ جَمَاعَتهم وتَفْرِيقِ كَلِمَتِهِم.
حَوَادِثُ مِنَ السِّيرَةِ فِيهَا دُرُوسٌ وعِبَرٌ فَائِدَةٌ في الذَّبِّ
عَنْ عِرْضِ المُسْلِمِينَ
****
·
قِصَّةُ كَعْبِ
بْن مَالِكٍ وتَخَلُّفُهُ في غَزْوَةِ تَبُوك:
حَصَلَتْ في عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بَعْضُ الحَوَادِثِ فِيهَا عِبْرَةٌ وذَلِكَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا كَانَ في غَزْوَةِ تَبُوك وتَخَلَّفَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ سَأَلَ عَنْهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا بَلَغَ تَبُوك فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُول اللَّهِ، حَبَسَهُ بُرْدَاهُ والنَّظَرُ
([1]) أخرجه: البخاري رقم (5718)، ومسلم رقم (2559).