في عِطْفَيْه أو غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الكَلِمَاتِ
الَّتِي فِيهَا تَجْرِيحٌ لِهَذَا الصَّحَابِيِّ فَقَامَ رَجُلٌ مِنَ
المُسْلِمِينَ وقَالَ مُنْكِرًا عَلَى هَذَا: بِئْسَ مَا قُلْتَ، واللَّهِ يَا
رَسُولَ اللَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ إلاَّ خَيْرًا، من قِصَّةِ كَعْبِ بْن
مَالِكٍ وتَخَلُّفِهِ عَنْ غَزْوَةِ تَبُوك ([1]).
فَهَذَا
الرَّجُلُ دَفَعَ عَنْ عِرْضِ أَخِيهِ وذَبَّ عَنْهُ فَأَقَرَّهُ النَّبِيُّ صلى
الله عليه وسلم عَلَى ذَلِكَ؛ وهَكَذَا يَنْبَغِي لِلمُسْلِمِ أَنْ يَدْفَعَ عَنْ
عِرْضِ أَخِيهِ وأَنْ يَذُبَّ عَنْهُ.
وهَذَا
مِنَ المَوَاقِفِ المُشَرِّفَةِ، ولَوْ أَنَّ المُسْلِمِينَ أَخَذُوا بِهَذَا
وصَارُوا يَدْفَعُونَ ويَذُبُّونَ عَنْ أَعْرَاضِ إِخْوَانِهِم لاَرْتَدَعَ
النَّمَّامُونَ وارْتَدَعَ الَّذِينَ يَنْتَهِزُونَ الفُرَصَ لِزَرْعِ الشَّرِّ
والعَدَاوَةِ بَيْنَ النَّاسِ.
ذَبَّ
النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ عِرْضِ مَن قَالَ: لاَ إِلَهَ إلاَّ اللَّهُ
يَبْتَغِي وَجْهَ اللَّهِ وحَادِثَةٌ أُخْرَى وهِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله
عليه وسلم خَرَجَ لِزِيَارَةِ بَعْضِ أَصْحَابِهِ ومَعَهُ جَمَاعَةٌ من أَكَابِرِ
الصَّحَابَةِ فَلَمَّا جَلَسُوا عِنْدَ المزورِ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه
وسلم أَيْنَ فُلاَن؟ فَقَالَ بَعْضُ الحَاضِرِينَ: إِنَّهُ مُنَافِقٌ لا يُحِبُّ
اللَّهَ ورَسُولَهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللهَ حَرَّمَ عَلَى النَّارِ مَنْ قَالَ: لاَ إِلَهَ إلاَّ اللهُ،
يَبْتَغِي بِذَلِكَ وَجْهَ الله» ([2]).
فالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم دَفَعَ عَنْ عِرْضِ صَحَابِيٍّ؛ لأَِنَّهُ يَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إلاَّ اللَّهُ، ويَبْتَغِي بِذَلِكَ وجْهَ اللَّهِ لَم يَقُلْهَا نِفَاقًا وإِنَّمَا قَالَهَا عَنْ صِدْقٍ وإِخْلاَصٍ فَإِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُ عَلَى النَّارِ ولا يَجُوزُ لأَِحَدٍ أَنْ يَتَكَلَّمَ في حَقِّ من كَانَ كَذَلِكَ مِنَ المُسْلِمِينَ.
([1]) أخرجه: البخاري رقم (4418)، ومسلم رقم (2769).