·
وقِصَّةٌ
أُخْرَى:
وهِيَ
أَنَّهُ جِيءَ بِرَجُلٍ يَشْرَبُ الخَمْرَ فَأَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم
بِجَلْدِهِ وإِقَامَةِ الحَدِّ عَلَيْهِ وتَكَرَّرَ هَذَا مِنْهُ حَتَّى قَالَ
رَجُلٌ مِنَ الحَاضِرِينَ: اللَّهُمَّ العَنْهُ، مَا أَكْثَر مَا يُؤْتَى بِهِ،
فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مُنْكِرًا عَلَيْهِ: «لاَ تَلْعَنْهُ؛ فَوَاللهِ مَا عَلِمْتُ إلا أَنَّهُ يُحِبُّ اللهَ
وَرَسُولَهُ» ([1]).
يَعْنِي:
أَنَّهُ مُؤْمِنٌ، وإِنْ كَانَ ارْتَكَبَ كَبِيرَةً من كَبَائِرِ الذُّنُوبِ ولَكِنْ
فِيهِ الإِيمَانُ، فالمُؤْمِنُ لَهُ مَكَانَتُهُ ولَهُ مَنْزِلَتُهُ فلا يَجُوزُ
لأَِحَدٍ أَنْ يَنَالَ مِنْهُ ولَوْ كَانَ عَاصِيًا، هَذِهِ كُلُّهَا دُرُوسٌ
تُعْطِي المُسْلِمَ أَنْ يَحْتَرِمَ أَعْرَاضَ إِخْوَانِهِ المُسْلِمِينَ.
آيَةٌ من كِتَابِ اللَّهِ تَدُلُّ عَلَى خَطَرِ الوَقِيعَةِ في العُلَمَاءِ
****
وأَنْتُم تَقْرَؤُونَ هَاتَيْنِ الآيَتَيْنِ وهِيَ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَلَئِن سَأَلۡتَهُمۡ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلۡعَبُۚ قُلۡ أَبِٱللَّهِ وَءَايَٰتِهِۦ وَرَسُولِهِۦ كُنتُمۡ تَسۡتَهۡزِءُونَ ٦٥لَا تَعۡتَذِرُواْ قَدۡ كَفَرۡتُم بَعۡدَ إِيمَٰنِكُمۡۚ إِن نَّعۡفُ عَن طَآئِفَةٖ مِّنكُمۡ نُعَذِّبۡ طَآئِفَةَۢ بِأَنَّهُمۡ كَانُواْ مُجۡرِمِينَ ٦٦﴾ [التوبة: 65- 66]، أَتدْرُون فِيمَنْ نَزَلَتَا؟ نَزَلَتَا في جَمَاعَةٍ كَانُوا يَضْحَكُونَ من رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ومِنْ صَحَابَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ويَسْخَرُونَ مِنْهُم ويَنْتَقِصُونَهُم ويَقُولُونَ: مَا رَأَيْنَا مِثْلَ قُرَّائِنَا هَؤُلاَءِ أَرْغَب بُطُونًا ولا أَكْذَب أَلْسِنَةً، ولا أَجْبَن عِنْدَ اللِّقَاءِ - يَعْنُونَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وأَصْحَابَهُ - فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَاتَيْنِ الآيَتَيْنِ وجَاءُوا يَعْتَذِرُونَ لِلرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم بِأَنَّهُم لَم يَقْصِدُوا مَا قَالُوا وإِنَّمَا أَرَادُوا المَزْحَ وتَقْطِيعَ السَّفَر
([1]) أخرجه: البخاري رقم (6398).