×
محاضرات في العقيدة والدعوة الجزء الثاني

 بَيْنَهُم في الجَاهِلِيَّةِ والثَّارَاتِ وجَعَلَ يَنْشُدُ الأَشْعَارَ الَّتِي يَقُولُهَا بَعْضُهُم في بَعْضٍ، من أَشْعَارِ السَّبِّ والشَّتْمِ.

فَعِنْدَ ذَلِكَ دَبَّتِ الفِتْنَةُ بَيْنَ الأَنْصَارِ بِسَبَبِ هَذَا اليَهُودِيِّ الَّذِي أَثَارَ بَيْنَهُم نعْرَةَ الجَاهِلِيَّةِ، وصَارَ في نُفُوسِ بَعْضِهِم عَلَى بَعْضٍ ثُمَّ تثَاوَرَ الحَيَّانِ وأَمَرُوا بِإِحْضَارِ الأَسْلِحَةِ وتَوَاعَدُوا في الحُرَّةِ مِنَ الغَدِ، فَلَمَّا عَلِمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِذَلِكَ جَاءَ إِلَيْهِم وجَلَسَ بَيْنَهُم وقَالَ صلى الله عليه وسلم: «أَبِدَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ وَأَنَا بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ» ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الآيَةَ: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِۦ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسۡلِمُونَ ١٠٢وَٱعۡتَصِمُواْ بِحَبۡلِ ٱللَّهِ جَمِيعٗا وَلَا تَفَرَّقُواْۚ وَٱذۡكُرُواْ نِعۡمَتَ ٱللَّهِ عَلَيۡكُمۡ إِذۡ كُنتُمۡ أَعۡدَآءٗ فَأَلَّفَ بَيۡنَ قُلُوبِكُمۡ فَأَصۡبَحۡتُم بِنِعۡمَتِهِۦٓ إِخۡوَٰنٗا وَكُنتُمۡ عَلَىٰ شَفَا حُفۡرَةٖ مِّنَ ٱلنَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنۡهَاۗ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمۡ ءَايَٰتِهِۦ لَعَلَّكُمۡ تَهۡتَدُونَ ١٠٣ [آل عمران: 102- 103].

فَعِنْدَ ذَلِكَ أَذْهَبَ اللَّهُ مَا في قُلُوبِ الأَنْصَارِ مِنَ الحِقْدِ والبَغْضَاءِ فِيمَا بَيْنَهُم وقَامَ بَعْضُهُم وسَلَّمَ عَلَى بَعْضٍ وتَعَانَقُوا وذَهَبَ مَا بَيْنَهُم الَّذِي أَثَارَهُ هَذَا اليَهُودِيُّ ([1]).

حِرْصُ الأَعْدَاءِ عَلَى تَفْرِيقِ جَمَاعَةِ المُسْلِمِينَ

****

فَانْظُرُوا يَا عِبَادَ اللَّهِ مَاذَا يَصْنَعُ بِنَا الأَعْدَاءُ قَدِيمًا وحَدِيثًا يُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا جَمَاعَتَنَا، يُرِيدُونَ أَنْ يُشَتِّتُوا شَمْلَنَا، يُرِيدُونَ أَنْ لا نَجْتَمِعَ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ وسُنَّةِ رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم.

هَذَا مَا يُرِيدُهُ لَنَا الأَعْدَاءُ.


الشرح

([1])  انظر: تفسير ابن كثير (1/ 397).