وكَلٌّ لَهُ رَغْبَتُهُ، وكَلٌّ لَهُ
عَصَبِيَّتُهُ، إِنَّمَا يُزِيلُ هَذِهِ الأُمُورَ كِتَابُ اللَّهِ وسُنَّةُ
رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. ﴿فَإِن تَنَٰزَعۡتُمۡ فِي شَيۡءٖ فَرُدُّوهُ إِلَى ٱللَّهِ
وَٱلرَّسُولِ إِن كُنتُمۡ تُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِۚ ذَٰلِكَ
خَيۡرٞ وَأَحۡسَنُ تَأۡوِيلًا﴾
[النساء: 59] أَيْ: أَحْسَنُ مئَالاً وعَاقِبَةً؛ لأَِنَّ تَحْكِيمَ القُرْآنِ
وتَحْكِيمَ السُّنَّةِ يَحْصُلُ بِهِ اجْتِمَاع الكَلِمَةِ وزَوَال النِّزَاعِ،
ولا يُمْكِنُ أَنْ تُقْنِعَ النَّاسَ إلاَّ بِكِتَابِ اللَّهِ وسُنَّةِ رَسُولِهِ
صلى الله عليه وسلم وكَمَا قَالَ صلى الله عليه وسلم في الحَدِيثِ الَّذِي سَمِعْتُم:
«فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ
فَسَيَرَى اخْتِلاَفًا كَثِيرًا، فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ
الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ مِنْ بَعْدِي، تَمَسَّكُوا بِهَا، وَعَضُّوا
عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُْمُورِ فَإِنَّ كُلَّ
مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ، وَكُلَّ ضَلاَلَةٍ فِي
النَّارِ» ([1])،
وكَذَلِكَ مِمَّا يُسَبِّبُ الاجْتِمَاعَ طَاعَةَ وُلاَةِ أُمُورِ المُسْلِمِينَ،
قَالَ تَعَالَى: ﴿أَطِيعُواْ
ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ وَأُوْلِي ٱلۡأَمۡرِ مِنكُمۡۖ﴾ [النساء: 59].
طَاعَةُ وُلاَةِ أُمُورِ المُسْلِمِينَ
****
فَطَاعَةُ وُلاَةِ المُسْلِمِينَ مِمَّا يُسَبِّبُ الاجْتِمَاعَ ويُسَبِّبُ القُوَّةَ ويُسَبِّبُ الائْتِلاَفَ؛ لأَِنَّ وُلاَةَ أُمُورِ المُسْلِمِينَ فِيهِم خَيْرٌ كَثِيرٌ من جَمْعِ الكَلِمَةِ، ورَدِّ المَظَالِمِ، والأَخْذِ عَلَى يَدِ الظَّالِمِ، وإِقَامَةِ الحُدُودِ، ورَدِّ الحُقُوقِ إِلَى مُسْتَحِقِّيهَا، فلا يَحْصُلُ اجْتِمَاعٌ إلاَّ بِوِلاَيَةٍ صَحِيحَةٍ ولاَيَةٍ إِسْلاَمِيَّةٍ تَحْكُمُ بِكِتَابِ اللَّهِ وبِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، ولِهَذَا حَثَّ الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم عَلَى السَّمْعِ والطَّاعَةِ قَالَ صلى الله عليه وسلم لَمَّا وعَظَ النَّاسَ مَوْعِظَةً بَلِيغَةً وجِلَتْ مِنْهَا القُلُوبُ وذَرَفَتْ مِنْهَا العُيُونُ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَأَنَّهَا مَوْعِظَةُ مُودِّعٍ
([1]) أخرجه: أبو داود رقم (4607)، والترمذي رقم (2676)، وابن ماجه رقم (42)، وأحمد رقم (17142).