×
محاضرات في العقيدة والدعوة الجزء الثاني

فَأَوْصِنَا قَالَ: «أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللهِ، وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ، وَإِنْ تَأَمَّرَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ»([1]).

وقَالَ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ يُطِعِ الأَْمِيرَ فَقَدْ أَطَاعَنِي وَمَنْ عَصَى الأَْمِيرَ فَقَدْ عَصَانِي» ([2]).

فَطَاعَةُ الأَمِيرِ المُسْلِمِ طَاعَةٌ لِلرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم ومَعْصِيَةُ الأَمِيرِ مَعْصِيَةٌ لِلرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم ولَيْسَ من شَرْطِ وُلاَةِ الأُمُورِ الَّذِينَ تَجِبُ طَاعَتُهُم أَنْ لا يَصْدُرَ مِنْهُم خَطَأٌ أو أَنْ يَكُونوا مَعْصُومِينَ؟ لا، بَلْ تَجِبُ طَاعَةُ وُلاَةِ الأُمُورِ وإِنْ كَانَ عِنْدَهُم خَطَأٌ وتَقْصِيرٌ ومَعَاصٍ، وحَتَّى لَوْ كَانُوا فَسَقَةً مَا لَم يَخْرُجُوا عَنْ دِينِ الإِسْلاَمِ فَإِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم حَذَّرَ مِنَ الخُرُوجِ عَنْ وُلاَةِ أُمُورِ المُسْلِمِينَ وإِنْ كَانُوا فَسَقَةً مَا لَم يَكُنْ مِنْهُم كُفْرٌ بَوَاحٌ، فَمَا دَامَ أَنَّهُ عَلَى الإِسْلاَمِ ولَوْ كَانَ عِنْدَهُ شَيْءٌ مِنَ التَّقْصِيرِ والخَطَإ فَإِنَّ مَصْلَحَةَ الاجْتِمَاعِ ومَصْلَحَةَ الائْتِلاَفِ تُرَجِّحُ عَلَى مَا فِيهِ مِنَ الخَلَلِ والنَّقْصِ، فَاجْتِمَاعُ الكَلِمَةِ عَلَى وُلاَةِ أُمُورِ المُسْلِمِينَ وتَحْبِيبُهُم إِلَى النَّاسِ بَدَلاً مِمَّنْ يَلْتَمِسُونَ الأَخْطَاءَ، ويُكَبِّرُونَ الصَّغَائِرَ، ويَنْشُرُونَ الرَّذَائِلَ ويَكْتُمُونَ المَحَاسِنَ، فَهَؤُلاَءِ دُعَاةُ فِتْنَةٍ والعِيَاذُ بِاللَّهِ.

فالَّذِينَ يَلْتَمِسُونَ أَخْطَاءَ وُلاَةِ المُسْلِمِينَ ويُكَبِّرُونَ الصَّغِيرِ، ويَنْشُرُونَ المُسْتَتِرَ، ويَفْضَحُونَ الأُمُورَ هَؤُلاَءِ لَيْسُوا مُصْلِحِينَ، هَؤُلاَءِ دُعَاةُ فِتْنَةٍ يُرِيدُونَ تَفْرِيقَ كَلِمَةِ المُسْلِمِينَ سَوَاءً كَانُوا قَاصِدِينَ أو غَيْرَ قَاصِدِينَ، قَدْ يَكُونُ مِنْهُم مَن نِيَّتُهُ حَسَنَةٌ ولَكِنَّهُ مَخْدُوعٌ ومَغْرُرٌ بِهِ.


الشرح

([1])  أخرجه: أبو داود رقم (4607)، والترمذي رقم (2676)، وابن ماجه رقم (42)، وأحمد رقم (17142).

([2])  أخرجه: البخاري رقم (2797)، ومسلم رقم (1835).