×
محاضرات في العقيدة والدعوة الجزء الثاني

بَيْنَهُم، يَقِفُ الغَنِيُّ بِجَانِبِ الفَقِيرِ، ويَقِفُ الكَبِيرُ بِجَانِبِ الصَّغِيرِ، يَقِفُ المُوَظَّفُ بِجَانِبِ الإِنْسَانِ العَادِيِّ، كُلُّهُم جَمَاعَةٌ واحِدَةٌ يُؤَدُّونَ عِبَادَةً واحِدَةً ﴿إِنَّ هَٰذِهِۦٓ أُمَّتُكُمۡ أُمَّةٗ وَٰحِدَةٗ وَأَنَا۠ رَبُّكُمۡ فَٱعۡبُدُونِ [الأنبياء: 92].

وكَذَلِكَ الاجْتِمَاعُ الأُسْبُوعِيُّ في صَلاَةِ الجُمُعَةِ وهُوَ اجْتِمَاعٌ أَكْبَرُ مِنَ الاجْتِمَاعِ لِلصَّلَوَاتِ الخَمْسِ؛ لأَِنَّ صَلاَةَ الجُمُعَةِ تُقَامُ في مَكَانٍ واحِدٍ في البَلَدِ أو في أَمْكِنَةٍ مُتَعَدِّدَةٍ إِذَا اتَّسَعَ البَلَدُ وتَبَاعَدَتْ أَطْرَافُهُ، المُهِمُّ أَنَّهُ يَجْتَمِعُ لِلجُمُعَةِ أَكْثَرُ عَدَدٍ مُمْكِنٍ إِمَّا أَهْلُ البَلَدِ كُلُّهُم أو مُعْظَمُ أَهْلِ البَلَدِ يَجْتَمِعُونَ لِصَلاَةِ الجُمُعَةِ ويَسْتَمِعُونَ إِلَى الخُطْبَةِ والنَّصِيحَةِ والمَوْعِظَةِ والتَّوْجِيهَاتِ والإِرْشَادَاتِ ويَلْتَقِي بَعْضُهُم بِبَعْضٍ ويَرَى بَعْضُهُم بَعْضًا ويُسَلِّمُ بَعْضُهُم عَلَى بَعْضٍ، أَمَّا لَوْ بَقِيَ كُلُّ واحِدٍ في بَيْتِهِ أو في مَزْرَعَتِهِ أو في مَتْجَرِهِ ولَم يَرَ الآخَرِينَ فَإِنَّ هَذَا يُسَبِّبُ الفُرْقَةَ.

هُنَاكَ اجْتِمَاعٌ سَنَوِيٌّ أَكْبَرُ وهُوَ الاجْتِمَاعُ لِصَلاَةِ العِيدَيْنِ عِيد الفِطْرِ وعِيدِ الأَضْحَى في صَحرَاء يَجْتَمِع أَهْل ُالبَلَدِ لِإِقَامَةِ شَعِيرَةٍ من شَعَائِرِ الإِسْلاَمِ يَتَآلَفُونَ ويَتَعَارَفُونَ ويُسَلِّمُ بَعْضُهُم عَلَى بَعْضٍ، هُنَاكَ اجْتِمَاعٌ أَكْبَرُ من هَذَا أَيْضًا وهوَ الاجْتِمَاع من جَمِيعِ الأَرْضِ لأَِدَاءِ فَرِيضَةِ الحَجِّ في مَكَانٍ واحِدٍ يَتَلاَقَى المُسْلِمُونَ من أَقْطَارِ الأَرْضِ العَرَبِ والعَجَمِ والأَبْيَضِ والأَسْوَدِ والغَنِيِّ والفَقِيرِ يَجْتَمِعُونَ عَلَى شَكْلٍ واحِدٍ وعَلَى نَمَطٍ واحِدٍ وفي مَكَانٍ واحِدٍ لِلتَّعَارُفِ وتَبَادُل الآرَاءِ وطَرْحِ المُشْكِلاَتِ وتَدَارُسِ الحُلُولِ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ المَنَافِعِ، قَالَ تَعَالَى: ﴿وَأَذِّن فِي ٱلنَّاسِ بِٱلۡحَجِّ يَأۡتُوكَ رِجَالٗا وَعَلَىٰ كُلِّ ضَامِرٖ يَأۡتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٖ ٢٧لِّيَشۡهَدُواْ مَنَٰفِعَ لَهُمۡ وَيَذۡكُرُواْ ٱسۡمَ ٱللَّهِ فِيٓ أَيَّامٖ مَّعۡلُومَٰتٍ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُم مِّنۢ 


الشرح