×
محاضرات في العقيدة والدعوة الجزء الثاني

وَلاَّهُ اللهُ أَمْرَكُمْ» ([1])، أَمَّا من يَدْعُو إِلَى اجْتِمَاعِ المُسْلِمِينَ ولَوْ كَانُوا مُخْتَلِفِي العَقِيدَةِ فَإِنَّهُ يُحَاوِلُ مُسْتَحِيلاً، إِذَا كُنَّا نُرِيدُ جَمْعَ كَلِمَةِ المُسْلِمِينَ فَلْنُعَالِجِ العَقِيدَةَ ونُرْجِعَهَا إِلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ في عَهْدِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم إِلَى كَلِمَةِ التَّوْحِيدِ كَلِمَةٍ تدِينُ لَكُم بِهَا العَرَبُ ويُؤَدِّي لَكُم بِهَا العَجَمُ الجِزْيَةَ، أو كَمَا قَالَ الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم هَذَا هُوَ الأَسَاسُ، أَمَّا الَّذِي يَقُولُ: نَجْتَمِعُ عَلَى مَا اتَّفَقْنَا عَلَيْهِ، ويَعْذُرُ بَعْضُنَا بَعْضًا فِيمَا اخْتَلَفْنَا فِيهِ، فَهَذِهِ مَقُولَةٌ غَيْرُ صَحِيحَةٍ، لِمَاذَا لَم يَقُلْ نُزِيلُ الخِلاَفَ بَيْنَنَا بِإِصْلاَحِ سَبَبِ الخِلاَفِ؟ أَمَّا إِنَّنَا نَبْقَى عَلَى اخْتِلاَفٍ ونَجْتَمِعُ فَهَذَا لا يُمْكِنُ؛ لأَِنَّهُ جَمْعٌ بَيْنَ مُتَضَادَّينِ اخْتِلاَفٍ واجْتِمَاعٍ في آنٍ واحِدٍ.

لا يُمْكِنُ الاجْتِمَاعُ إلاَّ إِذَا أَزَلْنَا سَبَبَ الخِلاَفِ وهُوَ اخْتِلاَلُ العَقِيدَةِ؛ لأَِنَّهُ الَّذِي سَبَّبَ اخْتِلاَفَ النَّاسِ من قَدِيمِ الزَّمَانِ وحَدِيثِهِ، حَدَثَ الاخْتِلاَفُ لَمَّا كَثُرَتِ الفِرَقُ الضَّالَّةُ وكَثُرَ الخَلَلُ في العَقِيدَةِ من مُعْتَزِلَةٍ وغَيْرِهِم، أَمَّا في القُرُونِ المُفَضَّلَةِ لَمَّا كَانَتِ العَقِيدَةُ واحِدَةً والمَنْهَجُ واحِدًا كَانُوا مُجْتَمِعِينَ، ولَمَّا ظَهَرَتِ الفِرَقُ والأَهْوَاءُ والتَّعَصُّبُ لِلآرَاءِ حِين ذَلِكَ وُجِدَ النِّزَاعُ، ولَنْ يَلْتَئِمَ إلاَّ كَمَا قَالَ الإِمَامُ مَالِكٌ رحمه الله: «لا يُصْلِحُ آخِرَ هَذِهِ الأُمَّةِ إلاَّ مَا أَصْلَحَ أَوَّلَهَا».

أَمَّا أَنْ نَجْتَمِعَ عَلَى مَا اتَّفَقْنَا عَلَيْهِ والعَقِيدَة مُخْتَلَّة فَعَلَى مَاذَا اتَّفَقْنَا؟ هَذِهِ المَقُولَةُ لَوْ كَانَ أَرَادَ بِهَا قَائِلُهَا الخِلاَفَ في مَسَائِل الفِقْهِ لَكَانَ الأَمْرُ هَيِّنًا مَعَ إِنَّهُ حَتَّى في مَسَائِل الفِقْهِ يَجِبُ الرُّجُوعُ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ عز وجل والأَخْذُ بِمَا دَلَّ عَلَيْهِ الكِتَابُ والسُّنَّةُ من آرَاءِ الفُقَهَاءِ، لَكِنَّ الاخْتِلاَفَ في المَسَائِلِ الاجْتِهَادِيَّةِ لا يُسَبِّبُ فُرْقَةً بَيْنَ المُسْلِمِينَ، لَكِنَّ لا يُمْكِنُ أَنْ


الشرح

([1])  أخرجه: مسلم رقم (1715).