تَجْمَعَ بَيْنَ قُبُورِيٍّ ومُوحَّدٍ، لا
يُمْكِنُ أَنْ تَجْمَعَ بَيْنَ مُبْتَدِعٍ وسُنِّيٍّ، لا يُمْكِنُ أَن َجْمَعَ
بَيْنَ قَوْمِيٍّ أو حَدَاثِيٍّ مَعَ مُتَمَسِّكٍ بالكِتَابِ والسُّنَّةِ ولَوْ
كَانَ الاسْمُ والانْتِسَابُ واحِدًا وهُوَ الإِسْلاَمُ والمُسْلِمُونَ.
فلا
بُدَّ من اجْتِمَاعِ المُسْلِمِينَ عَلَى عَقِيدَةِ التَّوْحِيدِ، لا بُدَّ أَنْ
يَجْتَمِعُوا عَلَى الأَمْرِ الأَوَّلِ الَّذِي جَمَعَ بَيْنَ الأَوْسِ
والخَزْرَجِ وبَيْنَ المُهَاجِرِينَ والأَنْصَارِ ووَحَّدَ بَيْنَ القَبَائِلِ،
والمِثَال في هَذَا قَرِيبٌ، مِثَالٌ نَعِيشُهُ الآنَ: كَانَتْ هَذِهِ البِلاَدُ
قَبْلَ ظُهُورِ دَعْوَةِ الشَّيْخِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِالوَهَّابِ رحمه الله
مُتَفَرِّقَةً خُصُوصًا بِلاَد نَجْدٍ كَانَ كُلُّ قَرْيَةٍ لَهَا أَمِيرٌ، وكُلٌّ
لا يَخْضَعُ لِلأَمِيرِ الآخَرِ، وكَانَ بَيْنَ القَرْيَتَيْنِ قِتَالٌ حَتَّى
إِنَّهُم ذَكَرُوا - واقْرَؤُوا تَارِيخَ ابْنِ بِشْرٍ ذَكَرَ أَنَّ أَهْلَ
القَرْيَةِ الوَاحِدَةِ يَتَقَاتَلُونَ، بَلْ ذَكَرَ أَنَّهُ حَصَلَ في القُرَى
أَرْبَعَةَ أُمَرَاء كُلُّ جَانِبٍ مِنَ القَرْيَةِ الوَاحِدَةِ فِيهِ أَمِيرٌ،
وكُلُّ جَانِبٍ مِنَ القَرْيَةِ يُقَاتِلُ الجَانِبَ الآخَرَ في الشَّوَارِعِ
والأَسْوَاقِ، هَذَا كَانَ في بِلاَدِ نَجْدٍ فَلَمَّا جَاءَ الشَّيْخُ رحمه الله
ودَعَا النَّاسَ إِلَى التَّوْحِيدِ وإِلَى الرُّجُوعِ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ
وسُنَّةِ رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم ودَعَا وُلاَةَ الأُمُورِ من آلِ سعُود
وكَانُوا أُمَرَاء قَرْيَةٍ واحِدَةٍ دَعَاهُم إِلَى التَّوْحِيدِ اسْتَجَابُوا
لِذَلِكَ ونَاصَرُوا الشَّيْخَ دَخَلَتْ جَمِيعُ بِلاَدِ نَجْدٍ تَحْت
سَيْطَرَتِهِم، هَذِهِ القَرْيَةُ الصَّغِيرَةُ الَّتِي كَانَ فِيهَا أَمِيرٌ
لَمَّا هَدَاهُ اللَّهُ ونَاصَرَ دَعْوَةَ التَّوْحِيدِ مَلَكَ البِلاَدَ
كُلَّهَا، تَوَحَّدَتِ البِلاَدُ وامْتَدَّ الخَيْرُ إِلَى المَشَارِقِ
والمَغَارِبِ وتَكَوَّنَتْ دَوْلَةٌ عَلَى التَّوْحِيدِ وعَلَى العَقِيدَةِ
وصَارَتْ هَذِهِ البِلاَدُ جَمَاعَةً واحِدَةً بَدَلَ مَا كَانَتْ مُتَفَرِّقَةً،
مَنْهَجُهَا واحِدٌ وعَقِيدَتُهَا واحِدَةٌ، ولِيُّ أَمْرِهَا واحِدٌ فَبِذَلِكَ
تَوَحَّدَتِ البِلاَدُ، ولا تَزَالُ ولِلَّهِ الحَمْدُ عَلَى هَذَا المَنْهَجِ؛
لأَِنَّهُ إِحْيَاءٌ لِمَنْهَجِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم ولا يُصْلِحُ حَالَ
هَذِهِ الأُمَّةِ إلاَّ مَا أَصْلَحَ أَوَّلَهَا، هَذَا نَمُوذَجٌ مِنَ
النَّمَاذِجِ