أَبِيكَ خُذْ عشْرًا،
قَالَ لَهُم: قُولُوا لا إِلَهَ إلاَّ الله، عِنْدَ ذَلِكَ نَفَرُوا وقَالُوا: ﴿أَجَعَلَ ٱلۡأٓلِهَةَ إِلَٰهٗا وَٰحِدًاۖ إِنَّ هَٰذَا لَشَيۡءٌ عُجَابٞ﴾
[ص: 5] »، فالَّذِي يَجْمَعُ المُسْلِمِينَ عَلَى الحَقِيقَةِ هُوَ
عَقِيدَةُ التَّوْحِيدِ، كَلِمَةُ لا إِلَهَ إلاَّ اللَّهُ، كَمَا قَالَ
الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم: «قُولُوا
كَلِمَةً تَدِينُ لَكُمْ ِبهَا العَرَبُ ويُؤَدِّي لَكُم بِهَا العَجَمُ
الجِزْيَةَ» ([1])
كَلِمَةُ التَّوْحِيدِ هِيَ العَقِيدَةُ الصَّحِيحَةُ، وهِيَ الَّتِي تَجْمَعُ
المُسْلِمِينَ، وهِيَ مَا كَانَ عَلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم،
وكَانَ عَلَيْهَا صَحَابَةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وكَانَتْ
عَلَيْهَا القُرُونُ المُفَضَّلَةُ أَوَّل هَذِهِ الأُمَّةِ، ولَنْ يُصْلِحَ آخِرَ
هَذِهِ الأُمَّةِ إلاَّ مَا أَصْلَحَ أَوَّلَهَا، فَكَمَا أَصْلَحَتِ العَقِيدَةُ
أَوَّلَ الأُمَّةِ فَإِنَّ آخِرَ الأُمَّةِ لا يُصْلِحُهَا إلاَّ عَقِيدَةُ
التَّوْحِيدِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مِنكُمۡ
وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ لَيَسۡتَخۡلِفَنَّهُمۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ كَمَا ٱسۡتَخۡلَفَ
ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمۡ دِينَهُمُ ٱلَّذِي ٱرۡتَضَىٰ
لَهُمۡ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّنۢ بَعۡدِ خَوۡفِهِمۡ أَمۡنٗاۚ يَعۡبُدُونَنِي لَا
يُشۡرِكُونَ بِي شَيۡٔٗاۚ﴾
[النور: 55]، هَذِهِ هِيَ عَقِيدَةُ التَّوْحِيدِ ﴿يَعۡبُدُونَنِي لَا يُشۡرِكُونَ بِي شَيۡٔٗاۚ﴾ [النور: 55] بِدُونِ هَذَا لَنْ يَحْصُلَ الاجْتِمَاعُ
أَبَدًا ولَوْ تَسَمَّوْا بالمُسْلِمِينَ مَا دَامَتِ العَقِيدَةُ غَيْر سَلِيمَةٍ
ولَوْ تَسَمَّوْا بالمُسْلِمِينَ فَلَنْ يَجْتَمِعُوا حَتَّى تَخْلُصَ العَقِيدَةُ
وحَتَّى تَصْفُو العَقِيدَةُ من أَدْرَانِ الشِّرْكِ والخُرَافَاتِ.
قَالَ اللَّهُ تعالى: ﴿ٱلَّذِينَ أُخۡرِجُواْ مِن دِيَٰرِهِم بِغَيۡرِ حَقٍّ إِلَّآ أَن يَقُولُواْ رَبُّنَا ٱللَّهُۗ وَلَوۡلَا دَفۡعُ ٱللَّهِ ٱلنَّاسَ بَعۡضَهُم بِبَعۡضٖ لَّهُدِّمَتۡ صَوَٰمِعُ وَبِيَعٞ وَصَلَوَٰتٞ وَمَسَٰجِدُ يُذۡكَرُ فِيهَا ٱسۡمُ ٱللَّهِ كَثِيرٗاۗ وَلَيَنصُرَنَّ ٱللَّهُ مَن يَنصُرُهُۥٓۚ إِنَّ ٱللَّهَ
([1]) أخرجه: الترمذي رقم (3232)، والنسائي في «الكبرى» رقم (8716)، وأحمد رقم (2008)، والحاكم رقم (3617).