فالَّذِي يَرَى أَنَّهُ قَدْ أَتَى بالوَاجِبِ
وأَنَّهُ وفَّى الحَقَّ الَّذِي عَلَيْهِ لِرَبِّهِ فَهَذَا تَزْكِيَةٌ لِلنَّفْسِ.
فالإِنْسَانُ
يَعْتَبِرُ نَفْسَهُ مُقَصِّرًا دَائِمًا في حَقِّ اللَّهِ تعالى فَيَسْتَغْفِرُ
اللَّهَ، ولِهَذَا يَقُولُ سَيِّدُ الخَلْقِ مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم مَعَ
اجْتِهَادِهِ في العِبَادَةِ الَّتِي لا يُمَاثِلُهُ أَحَدٌ مِنَ الخَلْقِ فِيهَا
عليه الصلاة والسلام ومَعَ هَذَا يَعْتَذِرُ إِلَى رَبِّهِ ويَقُولُ: «لاَ أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ» ([1])؛
لأَِنَّكَ مَهْمَا عَبَدْتَ اللَّهَ واجْتَهَدْتَ فَإِنَّ نِعَمَ اللَّهِ
وفَضْلَهُ عَلَيْكَ أَكْثَرُ ولَكِنَّ اللَّهَ جل وعلا عَفُوٌّ غَفُورٌ.
فَلَوْ
صَلَّيْتَ اللَّيْلَ والنَّهَارَ وصُمْتَ الدَّهْرَ كُلَّهُ وأَنْفَقْتَ
الأَمْوَال الكَثِيرَةَ وعَمِلْتَ مَا عَمِلْتَ فَإِنَّكَ لَنْ تَسْتَكْمِلَ
الدِّينَ كُلَّهُ، الدِّينُ أَكْثَرُ وأَكْثَرُ، ولَكِنَّ اللَّهَ تعالى إِذَا
عَمِلْتَ مَا تَسْتَطِيعُ عَفَا اللَّهُ عَنْكَ مَا لا تَسْتَطِيعُ، ﴿رَبَّنَا لَا
تُؤَاخِذۡنَآ إِن نَّسِينَآ أَوۡ أَخۡطَأۡنَاۚ رَبَّنَا وَلَا تَحۡمِلۡ
عَلَيۡنَآ إِصۡرٗا كَمَا حَمَلۡتَهُۥ عَلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِنَاۚ رَبَّنَا
وَلَا تُحَمِّلۡنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِۦۖ وَٱعۡفُ عَنَّا وَٱغۡفِرۡ لَنَا
وَٱرۡحَمۡنَآۚ أَنتَ مَوۡلَىٰنَا فَٱنصُرۡنَا عَلَى ٱلۡقَوۡمِ ٱلۡكَٰفِرِينَ﴾ [البقرة: 286].
أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي ولَكُم، وأَسْأَلُهُ أَنْ يَرْزُقَنِي وإِيَّاكُم الاسْتِقَامَةَ عَلَى دِينِهِ والسَّلاَمَةَ مِنَ الفِتَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا ومَا بَطَنَ وأَنْ يُرِيَنَا الحَقَّ حَقًّا ويَرْزُقَنَا اتِّبَاعَهُ وأَنْ يُرِيَنَا البَاطِلَ بَاطِلاً ويَرْزُقَنَا اجْتِنَابَهُ وصَلَّى اللَّهُ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.