×
محاضرات في العقيدة والدعوة الجزء الثاني

تعالى فَهُوَ طَرِيقٌ مُعْتَدِلٌ لا اعْوِجَاجَ فِيهِ ولا مَيْلَ ولا خَطَرَ عَلَى مَنْ سَلَكَهُ.

فالاِسْتِقَامَةُ مَعْنَاهَا الاعْتِدَالُ عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ تعالى، الاعْتِدَالُ عَلَى شَرِيعَةِ اللَّهِ، الاعْتِدَالُ عَلَى كَلِمَةِ التَّوْحِيدِ هَذِهِ هِيَ الاسْتِقَامَةُ شَرْعًا كَمَا تَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ عِبَارَاتُ السَّلَفِ كُلُّهَا تَجْتَمِعُ عَلَى أَنَّ الاسْتِقَامَةَ شَرْعًا هِيَ لُزُومُ طَاعَةِ اللَّهِ تعالى من غَيْرِ مَيْلٍ ومِنْ غَيْرِ التِفَاتٍ إِلَى غَيْرِهَا، فَهِيَ تَعْنِي لُزُوم مَا شَرَعَهُ اللَّهُ تعالى في التَّوْحِيدِ وإِخْلاَص العِبَادَةِ لِلَّهِ وفي الآدَابِ والأَخْلاَقِ والتَّعَامُلِ مَعَ النَّاسِ، وفي كُلِّ مَا يَفْعَلُهُ الإِنْسَانُ في هَذِهِ الحَيَاةِ يَكُونُ مُسْتَقِيمًا عَلَى المَنْهَجِ الصَّحِيحِ الَّذِي رَسَمَهُ اللَّهُ تعالى وبَيَّنَهُ رَسُولُهُ صلى الله عليه وسلم؛ لأَِنَّ هَذَا المَنْهَجَ هُوَ مَنْهَجُ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿ٱهۡدِنَا ٱلصِّرَٰطَ ٱلۡمُسۡتَقِيمَ ٦صِرَٰطَ ٱلَّذِينَ أَنۡعَمۡتَ عَلَيۡهِمۡ غَيۡرِ ٱلۡمَغۡضُوبِ عَلَيۡهِمۡ وَلَا ٱلضَّآلِّينَ ٧ [الفاتحة: 6- 7].

فالَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم هُم أَهْل الاسْتِقَامَةِ مِنَ النَّبِيِّينَ والصَّدِّيقِين والشُّهَدَاءِ والصَّالِحِينَ وحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا.

فالاِسْتِقَامَةُ تَعْنِي التَّوَسُّطَ بَيْنَ الإِفْرَاطِ والتَّفْرِيطِ، بَيْنَ التَّسَاهُلِ وعَدَمِ المُبَالاَةِ وبَيْنَ الغُلُوِّ والتَّشَدُّدِ، هَذَا هُوَ طَرِيقُ الاسْتِقَامَةِ؛ لأَِنَّ دِينَ اللَّهِ بَيْنَ الغَالِي والجَافِي، الغَالِي هُوَ الَّذِي يَزِيدُ ويَتَشَدَّدُ، والجَافِي هُوَ المُتَسَاهِلُ الَّذِي لا يَهْتَمُّ بِدِينِهِ بَلْ هُوَ مُفْرِطٌ، وكَذَلِكَ الغَالِي والمُتَشَدِّدُ الَّذِي يَزِيدُ في العِبَادَةِ ويَزِيدُ في التَّمَسُّكِ يَظُنُّ أَنَّهُ يُطِيعُ اللَّهَ ورَسُولَهُ، وهُوَ بالعَكْسِ؛ لأَِنَّ مَنْ خَرَجَ عَنِ الجَادَّةِ ومَالَ عَنْهَا سَوَاء بِتَسَاهُلٍ أو بِتَشَدُّدٍ خَرَجَ عَنْ شَرْعِ اللَّهِ تعالى.

فالاِسْتِقَامَةُ هِيَ الاعْتِدَالُ من غَيْرِ جَفَاءٍ وتَسَاهُلٍ ومِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ وتَشَدُّدٍ وإِفْرَاطٍ في العِبَادَةِ، هَذَا هُوَ طَرِيقُ الاسْتِقَامَةِ.


الشرح