ولَفْظُ العُلَمَاءِ لَفْظٌ جَلِيلٌ ولَفْظٌ
شَرِيفٌ لا يَجُوزُ إِطْلاَقُهُ عَلَى هَؤُلاَءِ، لَكِنْ نَقُولُ هَؤُلاَءِ
صُنَّاعُ، هَؤُلاَءِ مُخْتَرِعُونَ فَقَطْ أو نَقُولُ عُلَمَاءُ صِنَاعَةٍ،
عُلَمَاءُ اخْتِرَاعٍ، أَيْ: نُضِيفُ عِلْمَهُم إِلَى تَخَصُّصِهِم فَقَطْ، أَمَّا
هَذِهِ الكَلِمَةُ العَظِيمَةُ فَإِنَّهَا لا تُطْلَقُ إلاَّ عَلَى ورَثَةِ
الأَنْبِيَاءِ، وإِنَّمَا هُمْ في الغَالِبِ ورَثَة الطَّوَاغِيتِ ورَثَة
المُسْتَكْبِرِينَ في الأَرْضِ إلاَّ من هَدَى اللَّهُ مِنْهُم وجَمَعَ بَيْنَ
عِلْمِ الشَّرِيعَةِ وعِلْمِ الصِّنَاعَةِ، هَذَا يَجِبُ أَنْ نَتَنَبَّهَ لَهُ
وأَنْ نُحَذِّرَ من هَذَا الإِطْلاَقِ؛ لأَِنَّ الوَاقِعَ أَنَّهُم مَا زَادَهُم
عِلْمُهُم إلاَّ تَكَبُّرًا في الأَرْضِ وتَجَبُّرًا عَلَى النَّاسِ وإِعْجَابًا
بِأَنْفُسهِم، بِخِلاَفِ عُلَمَاءِ الشَّرِيعَةِ فَإِنَّهُم هُم أَهْلُ
التَّوَاضُعِ والبَصِيرَةِ، وهُم الَّذِينَ يَعْرِفُونَ اللَّهَ تعالى حَقَّ
مَعْرِفَتِهِ، هُم أَهْلُ خَشْيَتِهِ، وقَالَ تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِذَا قِيلَ لَكُمۡ
تَفَسَّحُواْ فِي ٱلۡمَجَٰلِسِ فَٱفۡسَحُواْ يَفۡسَحِ ٱللَّهُ لَكُمۡۖ وَإِذَا
قِيلَ ٱنشُزُواْ فَٱنشُزُواْ يَرۡفَعِ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مِنكُمۡ وَٱلَّذِينَ
أُوتُواْ ٱلۡعِلۡمَ دَرَجَٰتٖۚ﴾
[المجادلة: 11].
فاللَّهُ
جل وعلا يَرْفَعُ أَهْل العِلْمِ والإِيمَانِ عَلَى غَيْرِهِم دَرَجَاتٌ لا
يَعْلَمُهَا إلاَّ اللَّهُ تعالى بِحَسَبِ إِيمَانِهِم وبِحَسَبِ عَمَلِهِم.
الحَثُّ عَلَى طَلَبِ العِلْمِ وبَيَانُ فَضْلِهِ
****
عَنْ أَبِي الدردَاء أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللهُ لَهُ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ، وَمَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللهِ يَتْلُونَ كِتَابَ اللهِ، وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ إلاَّ نَزَلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ، وَحَفَّتْهُمُ الْمَلاَئِكَةُ، وَذَكَرَهُمُ اللهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ» ([1])، فَهَذَا الحَدِيثُ
([1]) أخرجه: مسلم رقم (2699).