×
محاضرات في العقيدة والدعوة الجزء الثاني

وقَالَ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ الأَْنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَارًا وَلاَ دِرْهَمًا» ([1]) مَا جَاؤُوا من أَجْلِ طَلَبِ الدُّنْيَا؛ لأَِنَّ هَذَا عَرَضٌ عَاجِلٌ وهُم أَجَلُّ قَدْرًا من أَنْ تَكُونَ مُهِمَّتُهُم طَمَع الدُّنْيَا الزَّائِل، وإِنَّمَا مُهِمَّتُهُم أَعْلَى من ذَلِكَ وهِيَ الدَّلاَلَةُ عَلَى اللَّهِ تعالى وعَلَى جَنَّتِهِ وعَلَى صِرَاطِهِ المُسْتَقِيمِ، فالعُلَمَاءُ ورَثَةُ الأَنْبِيَاءِ وفي هَذَا شَرَفٌ لَهُم وفَخْرٌ لَهُم.

قَدْ مَرَّ أبو هريرة رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ عَلَى النَّاسِ وهُم يَتَبَايَعُونَ ويُتَاجِرُونَ في الأَسْوَاقِ فَقَالَ لَهُم: أَنْتُم هَا هُنَا ومِيرَاثُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُقَسَّمُ في المَسْجِدِ فَانْجفل النَّاسُ بِسُرْعَةٍ إِلَى المَسْجِدِ يُرِيدُونَ الأَخْذَ من المِيرَاثِ، فَلَمَّا دَخَلُوا مَا وجَدُوا شَيْئًا يُقَسَّمُ وإِنَّمَا وجَدُوا هَذَا يَدْرُسُ القُرْآنَ وهَذَا يَدْرُسُ الفِقْهَ وهَذَا يَدْرُسُ السُّنة، فَقَالُوا: يَا أَبَا هريرة مَا وجَدْنَا شَيْئًا يُقَسَّمُ، قَالَ: مَاذَا وجَدْتُم؟ قَالُوا: وجَدْنَا هَذَا يَدْرُسُ القُرْآنَ وهَذَا يَدْرُسُ الفِقْهَ، قَالَ: ويْحَكُمُ هَذَا مِيرَاثُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَإِنَّ الأَنْبِيَاءَ إِنَّمَا ورِثُوا العِلْمَ.

هَذَا هُوَ المِيرَاثُ الصَّحِيحُ الَّذِي يَبْقَى ويَسْتَمِرُّ نَفْعُهُ بِخِلاَفِ الدُّنْيَا والأَمْوَالِ وإِنْ كَانَتْ تَنْفَعُ لَكِن نَفْعُهَا مَحْدُودٌ قَلِيلٌ ويَنْقَطِعَ إلاَّ من جَعَل الدُّنْيَا مَطِيَّةً لَهُ لِلآخِرَةِ واسْتَعَانَ بِهَا عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ فَهَذَا خَيْرٌ لَكِنَّ هَؤُلاَءِ قَلِيلُونَ، والغَالِبُ عَلَى أَهْلِ الدُّنْيَا أَنَّهُم يَشْتَغِلُونَ بِدُنْيَاهُم وتَقِلُّ رَغْبَتُهُم في الآخِرَةِ أو يَنْصَرِفُونَ عَنْهَا لِدُنْيَاهُم، لَكِنَّ أَهْلَ العِلْمِ في الحَقِيقَةِ هُم الفَائِزُونَ، لِذَلِكَ قَالَ الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم: «فَمَنْ أَخَذَهُ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ» ([2]).


الشرح

([1])  أخرجه: أبو داود رقم (3641)، والترمذي رقم (2682)، وابن ماجه رقم (223).

([2])  أخرجه: أبو داود رقم (3641)، والترمذي رقم (2682)،، ابن ماجه رقم (223).