ثُمَّ يُرْفَعُ النَّوْعُ الثَّانِي مِنَ
العِلْمِ وهُوَ العِلْمُ الَّذِي عَلَى الأَلْسُنِ فَيَنْقَرِضُ العُلَمَاءُ
ويَقِلُّ الفُقَهَاءُ ويَكْثُرُ الجُهَّالُ، قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:
«إِنَّ اللهَ لاَ يَنْزِعُ هَذَا الْعِلْمَ
انْتِزَاعًا مِن صُدُورِ الرِّجَالِ، وَلَكِنْ يُقْبَضُ الْعِلْمَ بِمَوْتِ
الْعُلَمَاءِ، فَإِذَا لَمْ يُبْقِ عَالِمٌ، اتَّخَذَ النَّاسُ رُءُوسًا
جُهَّالاً، فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ، فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا» ([1]).
كَيْفِيَّةُ قَبْضِ العِلْمِ
****
·
يُقْبَضُ
العِلْمُ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ:
القَبْضُ
الأَوَّلُ: يُقْبَضُ مِنَ الصُّدُورِ ويَبْقَى عَلَى الأَلْسُنِ
وذَلِكَ حِينَمَا تُقْبَضُ خَشْيَةُ اللَّهِ من قُلُوبِ العُلَمَاءِ.
والقَبْضُ الثَّانِي: يُقْبَضُ بِمَوْتِ العُلَمَاءِ فلا يَبْقَى هُنَاكَ حَافظٌ لِهَذَا العِلْمِ وإِنْ كَانُوا يَهْتَمُّونَ بِأُمُورِ الدُّنْيَا ومَصَالِحِ الدُّنْيَا ومَنَافِعِ الدُّنْيَا لَكِنْ يَقِلُّ من يَتَفَرَّغُ لِطَلَبِ العِلْمِ الشَّرْعِيِّ مِنَ النَّاسِ فَيَقِلُّ العُلَمَاءُ ويَكْثُرُ القُرَّاءُ الَّذِي يقْرَأُون الكُتُبَ ويُكْثِرُونَ من اقْتِنَاءِ الكُتُبِ في بُيُوتِهِم وفي مَكَاتِبِهِم لَكِنَّ الفِقْهَ الصَّحِيحَ يَكُونُ قَلِيلاً؛ لأَِنَّ الفِقْهَ لَهُ طُرُقٌ وهُوَ مُجَالَسَةُ العُلَمَاءِ والأَخْذِ عَنْهُم وهَذَا يَقِلُّ في آخِرِ الزَّمَانِ فَيَكْثُرُ القُرَّاءُ الفُقَهَاءُ وهَذِهِ مُصِيبَةٌ عَظِيمَةٌ وهَؤُلاَءِ القُرَّاءُ قَدْ يَكُونُونَ يُفْتُونَ النَّاسَ من غَيْرِ فِقْهٍ وعَلَى غَيْرِ بَصِيرَةٍ لأَِنَّهُم يَظُنُّونَ أَنَّهُم صَارُوا مِنَ العُلَمَاءِ فَيُخْطِئُونَ في فَتْوَاهُم كَمَا قَالَ صلى الله عليه وسلم: «اتَّخَذَ النَّاسُ رُءُوسًا جُهَّالاً، فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ، فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا» ([2]).
([1]) أخرجه: البخاري رقم (100)، ومسلم رقم (2673).