القَبْضُ الثَّالِثُ لِلعِلْمِ:
أَنَّهُ يُقْبَضُ مَصْدَرُ العِلْمِ وهُوَ القُرْآنُ الكَرِيمُ بِحَيْثُ يُرْفَعُ
مِنَ الأَرْضِ ويُسرى بِهِ مِنَ المَصَاحِفِ ومِنْ صُدُورِ الرِّجَالِ فلا يَبْقَى
لِلقُرْآنِ وُجُودٌ في الأَرْضِ.
فالحَاصِلُ:
أَنَّهُ لا حَيَاةَ لِلنَّاسِ ولا هِدَايَةً إلاَّ بِطَلَبِ العِلْمِ ووُجُودِ
العُلَمَاءِ والعَمَلِ بالعِلْمِ النَّافِعِ، هَذَا هُوَ الحَيَاة وهَذَا هُوَ
النُّورُ وهَذَا هُوَ الَّذِي يَجِبُ العِنَايَةُ بِهِ والتَّوْجِيه إِلَيْهِ،
فَيَجِبُ عَلَى الآبَاءِ وعَلَى وُلاَةِ الأُمُورِ وعَلَى العُلَمَاءِ يَجِبُ أَنْ
يُوَجِّهُوا إِلَى طَلَبِ العِلْمِ وأَنْ يُحَرِّضُوا عَلَيْهِ وأَنْ
يَتَعَاوَنُوا عَلَيْهِ حَتَّى يَبْقَى لَهُم الخَيْرُ، ولا نَقُولُ إِنَّ
الخَيْرَ يُعْدَمُ بالكُلِّيَّةِ لَكِنْ يَنْتَقِلُ فَإِذَا أَهْمَلْنَا نَحْنُ
فَإِنَّهُ يَنْتَقِلُ إِلَى غَيْرِنَا ﴿وَإِن تَتَوَلَّوۡاْ يَسۡتَبۡدِلۡ قَوۡمًا غَيۡرَكُمۡ
ثُمَّ لَا يَكُونُوٓاْ أَمۡثَٰلَكُم﴾
[محمد: 38].
فَنَخْشَى
أَنْ يُسْلَبَ هَذَا الخَيْرُ مِنَّا وأَنْ يَذْهَبَ إِلَى غَيْرِنَا؛ لأَِنَّ
اللَّهَ تعالى لا يُضَيِّعُ دِينَهُ، إِذَا أَعْرَضَ عَنْهُ طَائِفَةٌ يَسَّرَ
اللَّهُ طَائِفَةً أُخْرَى تَقُومُ بِهِ من أَجْلِ بَقَاءِ الحَقِّ والرَّحْمَةِ
في الأَرْضِ، فالَّذِي نَخْشَاهُ عَلَى أَنْفُسِنَا أَنَّنَا نُضَيِّعُ العِلْمَ
فَنَهْلَكَ.
نَسْأَلُ
اللَّهَ العَافِيَةَ والسَّلاَمَةَ وصَلَّى اللَّهُ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ
وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ.