×
محاضرات في العقيدة والدعوة الجزء الثاني

﴿وَتَوَاصَوۡاْ بِٱلصَّبۡرِ [العصر: 3]، هَذِهِ هِيَ المَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ وهِيَ: الصَّبْرُ عَلَى الأَذَى الَّذِي يَلْحَقُ الإِنْسَانَ بِسَبَبِ قِيَامِهِ بالأَمْرِ بالمَعْرُوفِ والنَّهْيِ عَنِ المُنْكَرِ والدَّعْوَةِ إِلَى اللَّهِ.

والقِسْمُ الثَّانِي مِنَ العِلْمِ: مَا تَحْتَاجُهُ الأُمَّةُ ولا بُدَّ من وُجُودِهِ ولَكِنَّهُ لا يَتَعَيَّنُ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ أَنْ يَقُومَ بِهِ لأَِنَّهُ قَدْ يَعْجَزُ عَنْهُ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وإِنَّمَا يَقُومُ بِهِ أَفْرَادٌ أو جَمَاعَاتٌ مِنَ الأُمَّةِ يَحْصُلُ بِهِم المَقْصُودُ، وهَذَا مَا يُسَمَّى بِفَرْضِ الكِفَايَةِ، وذَلِكَ بَقِيَّةُ أَبْوَابِ العِلْمِ من مَعْرِفَةِ أَحْكَامِ المُعَامَلاَتِ مَا يَجُوزُ مِنْهَا ومَا لا يَجُوزُ، ومَا يَصِحُّ ومَا لا يَصِحُّ، ومَعْرِفَةِ أَحْكَامِ المَوَارِيثِ والوَصَايَا، ومَعْرِفَةِ أَحْكَامِ الأَنكحَة والطَّلاَقِ والعدَدِ ومَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، ومَعْرِفَةِ أَحْكَامِ الجِنَايَاتِ من الجِنَايَةِ عَلَى النَّفْسِ أو مَا دُونَ ذَلِكَ ومَا يَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ مِنَ القِصَاصِ أو الدِّيَةِ وتَفَاصِيلِ ذَلِكَ لِيحْكُمَ بِذَلِكَ بَيْنَ النَّاسِ بالحَقِّ، هَذَا القَدْرُ مِنَ العِلْمِ وهُوَ بَحْرٌ لا سَاحِلَ لَهُ لا بُدَّ من وُجُودِهِ في الأُمَّةِ لأَِنَّهَا بِحَاجَةٍ إِلَيْهِ فَإِذَا قَامَ بِهِ من يَكْفِي سَقَطَ الإِثْمُ عَنِ البَاقِينَ، وإِذَا لَم يَقُم بِهِ أَحَدٌ فَإِنَّ الأُمَّةَ تَأْثَمُ كُلُّهَا حَتَّى تَعْمَلَ عَلَى وُجُودِهِ وتَضْمَنَ وُجُودُ من يَقُومُ بِهِ مِنْهَا.

هَذَا هُوَ الفِقْهُ في الدِّينِ بِقِسْمَيْهِ الضَّرُورِيِّ: الَّذِي لا يُعْذَرُ أَحَدٌ بِتَرْكِهِ والكِفَائِيِّ: الَّذِي إِذَا قَامَ بِهِ بَعْضُ النَّاسِ مِمَّنْ يَحْصُلُ بِهِ المَقْصُودُ سَقَطَ الإِثْمُ عَنِ البَاقِينَ وبَقِيَ بِحَقِّهِم سُنَّة.

وعَلَى كُلِّ حَالٍ فَإِنَّ طَلَبَ العِلْمِ أَمرٌ مَطْلُوبٌ ووَاجِبٌ من حَيْثُ الجُمْلَةِ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ؛ لأَِنَّهُ لا حَيَاةَ لِلنَّاسِ إلاَّ بالعِلْمِ الَّذِي هُوَ النُّورُ الَّذِي يَسِيرُونَ عَلَيْهِ في حَيَاتِهِم وبَعْدَ مَمَاتِهِم فَمَنْ وُفِّقَ في ذَلِكَ وتَفَقَّهَ في دِينِ اللَّهِ فَإِنَّ هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ اللَّهَ أَرَادَ بِهِ خَيْرًا «مَنْ يُرِدِ اللهُ بِهِ خَيْرًا 


الشرح