×
محاضرات في العقيدة والدعوة الجزء الثاني

النُّفُورُ لِطَلَبِ العِلْمِ

****

يَقُولُ تعالى: ﴿۞وَمَا كَانَ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَآفَّةٗۚ فَلَوۡلَا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرۡقَةٖ مِّنۡهُمۡ طَآئِفَةٞ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي ٱلدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوۡمَهُمۡ إِذَا رَجَعُوٓاْ إِلَيۡهِمۡ لَعَلَّهُمۡ يَحۡذَرُونَ [التوبة: 122]، ولِلآْيَة مَعْنيان:

المَعْنَى الأَوَّلُ: أَنَّ اللَّهَ تعالى يَقُولُ لا يُمْكِنُ أَنْ يُسَافِرَ النَّاسُ كُلُّهُم إِلَى طَلَبِ العِلْمِ ويَتَفَرَّغُوا لِطَلَبِ العِلْمِ؛ لأَِنَّ النَّاسَ مُخْتَلِفُونَ في اتِّجَاهَاتِهِم وحَاجَاتِهِم وضَرُورَاتِهِم ولَكِنْ مَطْلُوبٌ أَنْ يَنْفِرَ، أَيْ: أَنْ يَتَفَرَّغَ ويُسَافِرَ من كُلِّ جَمَاعَةَ طَائِفَةٌ سَوَاء كَانَ واحِدًا أو أَكْثَرَ يَتَفَرَّغُونَ لِطَلَبِ العِلْمِ ويَقُومُونَ بِكِفَايَةِ النَّاسِ في الفَتْوَى وفي القَضَاءِ وفي الدَّعْوَةِ إِلَى اللَّهِ عز وجل وفي الإِمَامَةِ وفي الخَطَابَةِ تَكُونُ مُهِمَّتُهُم الفِقْهُ في دِينِ اللَّهِ حَيْثُ وجَدُوهُ في أَقْطَارِ الأَرْضِ، يُسَافِرُونَ إِلَيْهِ ويَجْلِسُونَ لِتَحْصِيلِهِ حَتَّى إِذَا أَدْرَكُوا قِسْطًا مِنَ العِلْمِ فَإِنَّهُم يُعَلِّمُونَهُ لِلنَّاسِ ويَنْشُرُونَهُ حَتَّى يَتِمَّ المَقْصُودُ مِنْهُ.

·       فَطَلَبَةُ العِلْمِ عَلَيْهِم مُهِمَّتَانِ:

المُهِمَّةُ الأُولَى: مُهِمَّةُ التَّحْصِيلِ بِحَيْثُ يَطْلُبُونَ هَذَا العِلْمَ ويُسَافِرُونَ إِلَيْهِ حَتَّى ولَوْ كَلَّفَهُم ذَلِكَ المَشَقَّة والتَّعَب؛ لأَِنَّ هَذَا في سَبِيلِ اللَّهِ.

المُهِمَّةُ الثَّانِيَةُ: تَبْدَأُ من حِينِ انْتِهَاءِ التَّحْصِيلِ وهِيَ مُهِمَّةُ نَشْرِ هَذَا العِلْمِ والدَّعْوَةِ إِلَيْهِ وتَعْلِيمِ النَّاسِ كَمَا قَالَ تَعَالَى ﴿وَلِيُنذِرُواْ قَوۡمَهُمۡ [التوبة: 122].

المَعْنَى الثَّانِي لِلآيَةِ: مِنَ العُلَمَاءِ من يَقُولُ: مَعْنَى الآيَةِ أَنَّ اللَّهَ تعالى بَيَّنَ أَنْ لا يُمْكِن لِلنَّاسِ أَنْ يَنْفِرُوا لِلجِهَادِ كَافَّةً، أَيْ: جَمِيعُهُم وأَنَّهُم 


الشرح