×
محاضرات في العقيدة والدعوة الجزء الثاني

قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِجِبْرِيلَ: «مَا الْمَسْؤُولُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ، قَالَ: أَخْبِرْنِي عَنْ أَمَارَتِهَا» ([1]) - يَعْنِي: عَلاَمَتِهَا - عَلاَمَاتِ يَوْمِ قِيَامِ السَّاعَةِ تَكُونُ آخِرَ الزَّمَانِ وإِذَا ظَهَرَتْ فَإِنَّهَا تَدُلُّ عَلَى قُرْبِ قِيَامِ السَّاعَةِ وهِيَ عَلاَمَاتٌ كَثِيرَةٌ مِنْهَا عَلاَمَاتٌ كِبَارٌ وعَلاَمَاتٌ دُونَ ذَلِكَ، «قَالَ: أَنْ تَلِدَ الأَْمَةُ رَبَّتَهَا - يَعْنِي سَيِّدَتَهَا -، وَأَنْ تَرَى الْحُفَاةَ الْعُرَاةَ رُعَاةُ الشَّاءِ يَتَطَاوَلُونَ فِي الْبُنْيَانِ» ([2]) فَمِنْ عَلاَمَاتِ السَّاعَةِ تُطَاوُلُ الأَعْرَابِ والبَادِيَةِ في تَشْيِيدِ المَبَانِي؛ لأَِنَّهُ مَعْرُوفٌ أَنَّ البَادِيَةَ كَانَتْ تَرْحَلُ وتَتْبَعُ مَوَاطِنَ القَطْرِ لا تَبْنِي بُيُوتًا ولا تَنْزِلُ في القُرَى والأَمْصَارِ، ولَكِنْ آخِرُ الزَّمَانِ يَتَوَطَّنُونَ في المُدُنِ والقُرَى ويَبْنُونَ ويَتَطَاوَلُونَ في البُنْيَانِ، هَذَا من عَلاَمَاتِ السَّاعَةِ، قَالَ: ثُمَّ خَرَجَ الرَّجُلُ بَعْدَمَا أَنْهَى جَلْسَتَهُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ الرَّاوِي: «ولبِثْنَا مَلِيًّا فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَتَدْرُونَ مَنِ السَّائِلُ؟ قُلْنَا: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: هَذَا جِبْرِيلُ، أَتَاكُمْ يُعَلِّمُكُمْ أَمْرَ دِينَكُمْ» ([3]).

أَيْ: أَنَّ جِبْرِيلَ أَرَادَ أَنْ يُعَلِّمَ أُمَّةَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم كَيْفَ تَتَعَلَّمُ دِينَهَا، كَيْفَ تَجْلِسُ بَيْنَ يَدَيْ المُعَلِّمِ بِأَدَبٍ واحْتِرَامٍ، فَجَلَسَ بَيْنَ يَدَيِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِأَدَبٍ واحْتِرَامِ مَجْلِسَ التِّلْمِيذِ من مُعَلِّمِهِ من أَجْلِ أَنْ يُعَلِّمَ الصَّحَابَةَ والأُمَّةَ كَيْفَ يَتَلَقَّوْنَ العِلْمَ بِأَدَبٍ يَسْأَلُونَ والمُعَلِّمُ يُجِيبُ عَلَى كُلِّ سُؤَالٍ، فَفِي هَذَا الحَدِيثِ بَيَانٌ لأَِهَمِّيَّةِ تَعْلِيمِ العِلْمِ مِنَ العُلَمَاءِ والجُلُوسِ بَيْنَ أَيْدِيهِم والتَّأَدُّبِ مَعَهُم وحُسْنِ السُّلُوكِ.

هَذَا مُوسَى عليه السلام ذَكَرَ اللَّهُ لَكُم نَبَأَهُ أَنَّهُ ذَهَبَ وسَافَرَ لِطَلَبِ العِلْمِ لَمَّا سَمِعَ أَنَّ في الأَرْضِ مَن عِنْدَهُ عِلْمٌ لَيْسَ عِنْدَ مُوسَى عليه السلام، ذَهَبَ يَبْحَثُ


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (50)، ومسلم رقم (10).

([2])  أخرجه: مسلم رقم (8).

([3])  أخرجه: مسلم رقم (8).