ثَالِثًا: ومِنْ وسَائِلِ تَحْصِيلِ العِلْمِ
بَعْدَ كَثْرَةِ
المُطَالَعَةِ في الكُتُبِ
****
سُؤَالُ أَهْلِ العِلْمِ
****
فَعَلَيْكَ
أَنْ تَسْأَلَ أَهْلَ العِلْمِ، يَقُولُ اللَّهُ ﴿فَسَۡٔلُوٓاْ أَهۡلَ ٱلذِّكۡرِ إِن كُنتُمۡ لَا
تَعۡلَمُونَ﴾ [النحل: 43].
والنَّبِيُّ
صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «أَلاَ
سَأَلُوا إِذْ لَمْ يَعْلَمُوا، فَإِنَّمَا شِفَاءُ الْعِيِّ السُّؤَالُ» ([1]).
فلا
يَمْنَعُكَ الحَيَاءُ من أَنْ تَسْأَلَ فَإِنَّ الحَيَاءَ الَّذِي يَمْنَعُ من
سُؤَالِ أَهْلِ العِلْمِ لَيْسَ مَحْمُودًا وإِنَّمَا هُوَ جُبْنٌ وخَوَرٌ
وضَعْفٌ، ولا يَمْنَعُكَ التَّكَبُّرُ من أَنْ تسأل أَهْل العِلْمِ، فَإِنَّ
بَعْضَ النَّاسِ يَرَى أَنَّهُ إِذَا سَأَلَ العُلَمَاءَ نَقصَ ذَلِكَ من
قَدْرِهِ، والوَاقِعُ أَنَّ سُؤَالَ النَّاسِ أُمُورَ الدُّنْيَا والأَمْوَال
مَنْهِيٌّ عَنْهُ إلاَّ عِنْدَ الضَّرُورَةِ وبِقَدْرِ الحَاجَةِ، أَمَّا سُؤَالُ
العُلَمَاءِ فَهَذَا مَرْغُوبٌ فِيهِ إلاَّ إِذَا كَانَ السُّؤَالُ عَلَى وجْهِ
التَّعَنُّتِ أو عَلَى وجْهِ التَّعَاظُمِ فَهَذَا لا يَجُوزُ، فالَّذِي يَسْأَل
العُلَمَاءَ لِلتَّعْجِيزِ أو لِيُظْهِرَ الإِنْسَانُ نَفْسَهُ أَمَامَ النَّاسِ
فَهَذَا لا يَجُوزُ.
ولَمَّا سُئِلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسِ بِمَاذَا حَصَّلْتَ هَذَا العِلْمَ؟ قَالَ: «بِلِسَانٍ سَؤُولٍ وقَلْبٍ عَقُولٍ» بِلِسَانٍ سؤُولٍ، يَعْنِي: كَثِير السُّؤَالِ لأَِهْلِ العِلْمِ، وقَلْبٍ عقُولٍ، يَعْنِي: يَعْقِلُ مَا يُقَالُ لَهُ، ويَفْهَمُ لَهُ وبِذَلِكَ يُتَحَصَّلُ العِلْمُ
([1]) أخرجه: أبو داود رقم (336)، وابن ماجه رقم (572)، والدارمي رقم (779)، وأحمد رقم (3056).