شَيْئًا فَشَيْئًا، ومُجَاهِدُ بْن جَبْرٍ
التَّابِعِيُّ الجَلِيلُ رحمه الله يَقُولُ: «إِنَّ
هَذَا العِلْمَ لا يَنَالُهُ مسْتَحٍ ولا مُسْتَكْبِرٍ».
رَابِعًا:
ومِنْ وسَائِلِ طَلَبِ العِلْمِ الاسْتِمَاعُ لِلمُحَاضَرَاتِ والنَّدَوَاتِ
الَّتِي تُعْقَدُ في المَسَاجِدِ وخُطْبَةِ الجُمُعَةِ كُلّ أُسْبُوعٍ، فَإِذَا
حَضَرْتَ وسَأَلْتَ عَمَّا أُشْكِلَ في الخُطْبَةِ أو غَيْرِهَا فَإِنَّهُ مَعَ
مُرُورِ الأَسَابِيعِ والأَيَّامِ والأَزْمِنَةِ يَتَكَوَّنُ عِنْدَكَ؛ لأَِنَّ
خُطْبَةَ الجُمُعَةِ إِنَّمَا شُرِعَتْ من أَجْلِ تَعْلِيمِ النَّاسِ
وتَفْهِيمِهِم وتَذْكِيرِهِم، وقَدْ تَسَاهَلَ النَّاسُ اليَوْمَ في حُضُورِ
خُطَبِ الجُمُعَةِ فلا يَأْتِي أَكْثَرُهُم إلاَّ عِنْدَ الإِقَامَةِ أو بَعْدَمَا
يُفَوِّتُ أَوَّلَ الصَّلاَةِ أو عِنْدَ السَّلاَمِ مِنَ الصَّلاَةِ وهَذَا
حِرْمَانٌ عَظِيمٌ يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِذَا نُودِيَ
لِلصَّلَوٰةِ مِن يَوۡمِ ٱلۡجُمُعَةِ فَٱسۡعَوۡاْ إِلَىٰ ذِكۡرِ ٱللَّهِ وَذَرُواْ
ٱلۡبَيۡعَۚ﴾ [الجمعة: 9].
وذِكْرُ
اللَّهِ المُرَادُ بِهِ الخُطْبَةُ ويُرَادُ بِهِ الصَّلاَةُ، ولَكِنَّ الأَسَاسَ
الخُطْبَةُ، ولِهَذَا قَالَ في نِهَايَةِ السُّورَةِ: ﴿وَإِذَا رَأَوۡاْ تِجَٰرَةً أَوۡ لَهۡوًا ٱنفَضُّوٓاْ
إِلَيۡهَا وَتَرَكُوكَ قَآئِمٗاۚ﴾
[الجمعة: 11].
فَحُضُورُ
الخُطْبَةِ فِيهِ خَيْرٌ كَثِيرٌ وعَدَمُ حُضُورِهَا فِيهِ حِرْمَانٌ لِلإِنْسَانِ
لِهَذَا أَمَرَ مَن يَحْضُرُ أَنْ يُنْصِتَ لِلخَطِيبِ وأَلاَّ يَتَكَلَّمَ ولا
يَتَحَرَّكَ حَتَّى تَفْرُغَ الخُطْبَةُ من أَجْلِ أَنْ يَسْتَفِيدَ.
خَامِسًا:
ومِنْ وسَائِلِ التَّعَلُّمِ الاسْتِمَاعُ لِلبَرَامِجِ النَّافِعَةِ الَّتِي
تُذَاعُ في الإِذَاعَةِ إِذَا تَتَبَّعَهَا الإِنْسَانُ وحَرَصَ عَلَيْهَا
فَإِنَّهُ يَحْصُلُ عَلَى عِلْمٍ غَزِيرٍ، فَفِيهَا فَتَاوَى وفِيهَا مَوَاضِيعُ
يَتَكَلَّمُ عَنْهَا العُلَمَاءُ ويُوَضِّحُونَهَا لِلنَّاسِ، إِذَا كُنْتَ في
بَيْتِكَ أو في سَيَّارَتِكَ مَا عَلَيْكَ إلاَّ أَنْ تَفْتَحَ إِذَاعَةَ
القُرْآنِ وتَسْتَمِعَ وبِهَذَا يَحْصُلُ عِنْدَكَ مِنَ العِلْمِ الشَّيْء
الكَثِير، تُنَبِّهُكَ هَذِهِ البَرَامِجُ إِلَى أَشْيَاءَ كُنْتَ غَافِلاً
عَنْهَا وتَتَعَلَّمُ أَشْيَاءَ كُنْتَ تَجْهَلُهَا.