×
محاضرات في العقيدة والدعوة الجزء الثاني

فَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ البُلْدَانِ يَعْتَقِدُ أَهْلُهَا أَنَّ البِنَاءَ عَلَى القُبُورِ والطَّوَافَ بِهَا وسُؤَال المَوْتَى ونِدَاءَ المَوْتَى والاسْتِغَاثَةَ بِهِم وطَلَبَ الحَوَائِجِ مِنْهُم يَظُنُّونَ أَنَّ هَذَا مِنَ الدِّينِ كَمَا قَالَ الأَوَائِلُ فِيمَا حَكَاهُ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُم ﴿وَيَعۡبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمۡ وَلَا يَنفَعُهُمۡ وَيَقُولُونَ هَٰٓؤُلَآءِ شُفَعَٰٓؤُنَا عِندَ ٱللَّهِ [يونس: 18]. وقَالَ تَعَالَى: ﴿وَٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِهِۦٓ أَوۡلِيَآءَ مَا نَعۡبُدُهُمۡ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَآ إِلَى ٱللَّهِ زُلۡفَىٰٓ [الزمر: 3].

فَهُم يَعْتَقِدُونَ أَنَّ هَذَا مِنَ الدِّينِ؛ لأَِنَّهُم أَدْرَكُوا عَلَيْهِ آبَاءَهُم وأَجْدَادَهُم وأَهْلَ بَلَدِهِم حَتَّى ظَنُّوهُ مِنَ الدِّينِ وأَنَّ اللَّهَ يَرْضَى بِهِ حَتَّى قَالُوا: ﴿لَوۡ شَآءَ ٱللَّهُ مَآ أَشۡرَكۡنَا [الأنعام: 148] ﴿لَوۡ شَآءَ ٱللَّهُ مَا عَبَدۡنَا مِن دُونِهِۦ مِن شَيۡءٖ [النحل: 35]، فَرَدَّ اللَّهُ عَلَيْهِم بِقَوْلِهِ: ﴿وَلَقَدۡ بَعَثۡنَا فِي كُلِّ أُمَّةٖ رَّسُولًا أَنِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ وَٱجۡتَنِبُواْ ٱلطَّٰغُوتَۖ [النحل: 36].

فَلَوْ كَانَ رَضِيَ ذَلِكَ مَا أَرْسَلَ الرُّسُلَ بِإِنْكَارِهِ وذَلِكَ بِسَبَبِ الجَهْلِ وعَدَمِ الرُّجُوعِ إِلَى التَّوْحِيدِ الصَّحِيحِ الَّذِي جَاءَتْ بِهِ الأَنْبِيَاءُ عَلَيْهِم الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ وهُوَ إِخْلاَصُ العِبَادَةِ لِلَّه ِ عز وجل وتَرْكُ عِبَادَةِ مَا سِوَاهُ، فَقَوْلُهُ تَعَالَى ﴿وَلَقَدۡ بَعَثۡنَا فِي كُلِّ أُمَّةٖ رَّسُولًا أَنِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ وَٱجۡتَنِبُواْ ٱلطَّٰغُوتَۖ [النحل: 36].

المُرَادُ بِالطَّاغُوتِ كُلُّ مَا عُبِدَ من دُونِ اللَّهِ تعالى سَوَاء سُمِّيَ ولِيًّا أو سُمِّيَ شَفِيعًا أو سُمِّيَ بِأَيِّ اسْمٍ كَانَ فَإِنَّهُ طَاغُوتٌ إِذَا كَانَ رَضِيَ بِأَنْ يُعْبَدَ من دُونِ اللَّهِ.

·       الَّذِي لا يَرْضَى أَنْ يُعْبَدَ من دُونِ اللَّهِ لا يُسَمَّى طَاغُوتًا:

أَمَّا إِذَا عُبِدَ من دُونِ اللَّهِ وهُوَ لَم يَرْضَ بِذَلِكَ وكَانَ يَنْهَى عَنْ ذَلِكَ في حَيَاتِهِ فَهَذَا لا يُعْتَبَرُ طَاغُوتًا لَكِنَّ عِبَادَتَهُ تُعْتَبَرُ شِرْكًا بِاللَّهِ عز وجل وإِلاَّ فَقَدْ عُبِدَ المَسِيحُ عليه السلام وعُبِدَ المَلاَئِكَةُ وعُبِدَ نَاسٌ مِنَ الصَّالِحِينَ وهُم لا يَرْضَوْنَ


الشرح