×
محاضرات في العقيدة والدعوة الجزء الثاني

اللَّهُ تعالى: ﴿إِنَّا سَنُلۡقِي عَلَيۡكَ قَوۡلٗا ثَقِيلًا ٥إِنَّ نَاشِئَةَ ٱلَّيۡلِ هِيَ أَشَدُّ وَطۡ‍ٔٗا وَأَقۡوَمُ قِيلًا ٦ [المزمل: 5- 6].

فالَّذِي يَتْلُو القُرْآنَ في صَلاَةِ اللَّيْلِ أَفْضَلُ مِنَ الَّذِي يَتْلُو القُرْآنَ وهُوَ جَالِسٌ أو في النَّهَارِ، وإِنْ كَانَتْ قِرَاءَةُ القُرْآنِ في أَيِّ وقْتٍ عِبَادَةً عَظِيمَةً لَكِنَّهَا تَتَفَاضَلُ وتَتَفَاوَتُ بِحَسَبِ الأَوْقَاتِ والأَحْوَالِ.

وكُلَّمَا أَكْثَرَ الإِنْسَانُ من تِلاَوَةِ القُرْآنِ في صَلاَةِ الفَرِيضَةِ في الرَّكْعَتَيْنِ الأُولَيَيْنِ مِنَ الرُّبَاعِيَّةِ والثُّلاَثِيَّةِ أو في صَلاَةِ الفَجْرِ فَإِنَّهُ كُلَّمَا أَطَالَ فَإِنَّ ذَلِكَ أَفْضَلُ ولِذَلِكَ سَمَّى اللَّهُ القُرْآنَ صَلاَةً قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَلَا تَجۡهَرۡ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتۡ بِهَا [الإسراء: 110] والمَقْصُودِ: لا تَجْهَرْ بالقُرْآنِ في صَلاَتِكَ ولا تُخَافِتْ بِهِ، كَمَا أَنَّ اللَّهَ سَمَّى الصَّلاَةَ قُرْآنًا كَمَا في قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿أَقِمِ ٱلصَّلَوٰةَ لِدُلُوكِ ٱلشَّمۡسِ إِلَىٰ غَسَقِ ٱلَّيۡلِ وَقُرۡءَانَ ٱلۡفَجۡرِۖ إِنَّ قُرۡءَانَ ٱلۡفَجۡرِ كَانَ مَشۡهُودٗا ٧٨وَمِنَ ٱلَّيۡلِ فَتَهَجَّدۡ بِهِۦ نَافِلَةٗ لَّكَ عَسَىٰٓ أَن يَبۡعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامٗا مَّحۡمُودٗا ٧٩ [الإسراء: 78- 79] فَسَمَّى صَلاَةَ الفَجْرِ قُرْآنًا لأَِنَّهَا تَطُولُ فِيهَا القِرَاءَةُ أَكْثَرُ من غَيْرِهَا.

الحَاصِلُ من هَذَا كلِّه أَنَّ اللَّهَ تعالى يَطْلُبُ مِنَّا أَنْ نَقْرَأَ القُرْآنَ وأَنْ نُكْثِرَ من تِلاَوَةِ القُرْآنِ في صَلاَتِنَا الفَرِيضَةِ والنَّافِلَةِ وفي بَقِيَّةِ أَحْوَالِنَا سَوَاء كُنَّا جَالِسِينَ أو رَاكِبِينَ أو مُضْطَجِعِينَ، وقَدْ كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَقْرَأُ القُرْآنَ عَلَى غَالِبِ أَحْوَالِهِ ولَم يَكُنْ يَمْنَعُهُ من تِلاَوَةِ القُرْآنِ إلاَّ الجَنَابَة، وكَذَلِكَ لا يَجُوزُ قِرَاءَةُ القُرْآنِ في حَالَةِ الحَيْضِ لِلمَرْأَةِ أو النِّفَاسِ؛ لأَِنَّ هَذَا حَدَثٌ أَكْبَرُ يَمْنَعُهَا من تِلاَوَةِ القُرْآنِ إلاَّ عِنْدَ الضَّرُورَةِ، ولا يَجُوزُ قِرَاءَةُ القُرْآنِ في الأَمْكِنَةِ النَّجِسَةِ والقَذِرَةِ كَالْحَمَّامِ، أَمَّا الأَمَاكِنُ النَّظِيفَةُ والأَمَاكِنُ الشَّرِيفَةُ الطَّاهِرَةُ المُنَاسِبَةُ فَيَنْبَغِي لِلإِنْسَانِ أَنْ يَقْرَأَ القُرْآنَ كُلَّمَا


الشرح