×
محاضرات في العقيدة والدعوة الجزء الثاني

تَمَكَّنَ من ذَلِكَ سَوَاء قَرَأَهُ عَنْ ظَهْرِ قَلْبٍ أو قَرَأَهُ مِنَ المُصْحَفِ لِيَكُونَ لَهُ حَظٌّ من أَجْرِ التِّلاَوَةِ الَّتِي أَخْبَرَ عَنْهَا صلى الله عليه وسلم: «مَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللهِ يَتْلُونَ كِتَابَ اللهِ، وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ إلاَّ نَزَلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ، وَحَفَّتْهُمُ الْمَلاَئِكَةُ، وَذَكَرَهُمُ اللهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ» ([1]).

وكَذَلِكَ قَوْلُهُ تعالى: ﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ يَتۡلُونَ كِتَٰبَ ٱللَّهِ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَأَنفَقُواْ مِمَّا رَزَقۡنَٰهُمۡ سِرّٗا وَعَلَانِيَةٗ يَرۡجُونَ تِجَٰرَةٗ لَّن تَبُورَ ٢٩لِيُوَفِّيَهُمۡ أُجُورَهُمۡ وَيَزِيدَهُم مِّن فَضۡلِهِۦٓۚ إِنَّهُۥ غَفُورٞ شَكُورٞ ٣٠ [فاطر: 29- 30].

مَدَحَهُم اللَّهُ عَلَى هَذِهِ الصِّفَاتِ وأَوَّلُهَا أَنَّهُم يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ عز وجل، بِمَعْنَى: أَنَّهُم يَقْرَؤُونَهُ ويُكْثِرُونَ من قِرَاءَتِهِ طَلَبًا لِلأَجْرِ والثَّوَابِ واحْتِسَابًا لِوَعْدِ اللَّهِ تعالى ثَمَّ يَعْمَلُونَ بِهِ فَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ ويُنْفِقُونَ مِمَّا رَزَقَهُم اللَّهُ سِرًّا وعَلاَنِيَةً رَجَاءَ ثَوَابِهِ.

ثَالِثًا: تَدَبُّرُ القُرْآنِ والتَّفَكُّرُ في مَعَانِيهِ وأَسْرَارِهِ

****

ثَالِثًا: لا يَكْفِي مِنَّا أَنْ نَتَعَلَّمَ القُرْآنَ الكَرِيمَ وأَنْ نَتْلُوهُ ونُكْثِرَ من تِلاَوَتِهِ، لا يَكْفِي هَذَا بَلْ لا بُدَّ مِنَ التَّدَبُّرِ والتَّفَكُّرِ في مَعَانِيهِ وأَسْرَارِهِ ومَا عَرَفْنَا بِهِ أَسْمَاء اللَّهِ وصِفَاتِهِ وعَظَمَتِهِ، ومَا قَصَّهُ عَلَيْنَا من أَخْبَارِ الأُمَمِ السَّابِقَةِ المُؤْمِنِينَ والكَافِرِينَ.

ومَا حَلَّ بالمُكَذِّبِينَ والمُجْرِمِينَ ومَا أَكْرَمَ اللَّهُ بِهِ المُؤْمِنِينَ الطَّائِعِينَ وكَذَلِكَ نَتَدَبَّرُ أَخْبَارَهُ عَنِ اليَوْمِ الآخِرِ ومَا فِيهِ مِنَ الحِسَابِ ومَا فِيهِ من وزْنِ الأَعْمَالِ ومَا فِيهِ من تَطَايُرِ الصُّحُفِ ومَا فِيهِ مِنَ الجَنَّةِ والنَّارِ ومَا فِيهِ


الشرح

([1])  أخرجه: مسلم رقم (2699).