×
محاضرات في العقيدة والدعوة الجزء الثاني

من الأَهْوَال ِالعَظِيمَةِ وكَذَلِكَ نَتَدَبَّرُ مَا يَكُونُ بَعْدَ المَوْتِ ومَا يَكُونُ في القَبْرِ، ولَقَدْ ذَكَرَ لَنَا القُرْآنُ هَذَا مُفَصَّلاً وهُوَ أَمْرٌ مُسْتَقْبَلٌ نَحْنُ قَادِمُونَ عَلَيْهِ من أَجْلِ أَنْ نَسْتَعِدَّ لَهُ بالأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ ونَتَجَنَّبُ الأَعْمَالَ المُحَرَّمَةَ، وكَذَلِكَ نَتَفَكَّرُ في أَحْكَامِهِ الشَّرْعِيَّةِ، فَقَدْ بَيَّنَ مَا يَحُلُّ عَلَيْنَا ومَا يَنْبَغِي لَنَا ومَا لا يَنْبَغِي لَنَا مِنَ الأَفْعَالِ والصِّفَاتِ وغَيْرِ ذَلِكَ.

قَالَ تعالى: ﴿كِتَٰبٌ أَنزَلۡنَٰهُ إِلَيۡكَ مُبَٰرَكٞ لِّيَدَّبَّرُوٓاْ ءَايَٰتِهِۦ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُواْ ٱلۡأَلۡبَٰبِ [ص: 29].

فَبَيَّنَ اللَّهُ في هَذِهِ الآيَةِ الهَدَفَ من إِنْزَالِ القُرْآنِ وهُوَ أَنْ نَتَدَبَّرَ آيَاتِهِ بِمَعْنَى أَنْ نَتَفَكَّرَ في مَعَانِيهَا ومَدْلُولاَتِهَا وأَسْرَارِهَا وأَخْبَارِهَا حَتَّى نَسْتَفِيدَ مِنْهَا خَشْيَةَ اللَّهِ تعالى وعِبَادَتهُ لا شَرِيكَ لَهُ ونَعْرِفَ مَا نَأْتِي ومَا نَتْرُك مِنَ الأَعْمَالِ والأَقْوَالِ والمُعَامَلاَتِ وغَيْرِ ذَلِكَ ولا يَتِمُّ هَذَا ولا يَحْصُلُ إلاَّ بِتَدَبُّرِ القُرْآنِ.

ووَصَفَ اللَّهُ تَعَالَى القُرْآنَ بِأَنَّهُ مُبَارَكٌ فَفِيهِ البَرَكَةُ بِكُلِّ مَعَانِيهَا فَمَنْ يَتَدَبَّرُهُ يَحْصُلُ عَلَى هَذِهِ البَرَكَةِ، ومَنْ تَعَلَّمَهُ يَحْصُلُ عَلَى هَذِهِ البَرَكَةِ، ومَنْ قَرَأَهُ وتَلاَهُ يَحْصُلُ عَلَى هَذِهِ البَرَكَةِ، ومَنْ عَمِلَ بِهِ حَصَلَ عَلَى هَذِهِ البَرَكَةِ، ومَنْ قَرَأَهُ وتَلاَهُ يَحْصُلُ عَلَى هَذِهِ البَرَكَةِ، ومَنْ عَمِلَ بِهِ حَصَلَ عَلَى البَرَكَةِ، وكُلَّمَا قَربْتَ مِنْهُ حَصَلْتَ عَلَى هَذِهِ البَرَكَةِ.

وقَالَ تعالى: ﴿أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ ٱلۡقُرۡءَانَۚ وَلَوۡ كَانَ مِنۡ عِندِ غَيۡرِ ٱللَّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ ٱخۡتِلَٰفٗا كَثِيرٗا [النساء: 82].

فاللَّهُ يَسْتَنْكِرُ عَلَى هَؤُلاَءِ الَّذِينَ أَعْرَضُوا عَنْ كِتَابِ اللَّهِ عز وجل وأَنَّهُ قَدْ سَبَّبَ لَهُم هَذَا الإِعْرَاضُ الحَيْرَةَ والضَّلاَلَ، ولَوْ أَنَّهُم تَدَبَّرُوا كِتَابَ اللَّهِ وأَقْبَلُوا عَلَيْهِ وتَأَمَّلُوا فِيهِ لَحَصَلَتْ لَهُم الهِدَايَةُ ولاَنْتَقَلُوا من حَالَةِ الشَّقَاءِ


الشرح