الحَالَةُ الأُولَى:
يَكُونُ جَاهِلاً أَنَّهَا مَعْصِيَةٌ وجَاهِلاً أَنَّ هَذَا الشَّيْءَ مُحَرَّمٌ،
فَهَذَا يَكْفِي أَنَّكَ تُبَيِّنُ لَهُ، فَتَقُولُ: فُلاَنٌ فَعَلْتَ مَعْصِيَةً،
يَا فُلاَنُ فَعَلْتَ مُحَرَّمًا، فَإِذَا وقَعَ فِيهِ عَنْ جَهْلٍ فَإِنَّهُ
سَيَتْرُكُهُ.
الحَالَةُ
الثَّانِيَةُ: أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ فَعَلَ مُصِيبَةً
وأَنَّهُ فَعَلَ مُحَرَّمًا فَهَذَا يُوعَظُ ويُخَوَّفُ بالعُقُوبَةِ.
الحَالَةُ
الثَّالِثَةُ: أَنْ يُجَادِلَ ويَأْتِيَ بِشُبَهٍ، فَهَذَا
يُجَادَلُ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى تُدْحَضَ شَبْهَتُهُ.
حَالاَتُ
النَّاسِ اليَوْمَ مَعَ الأَمْرِ بالمَعْرُوفِ والنَّهْيِ عَنِ المُنْكَرِ،
النَّاسُ في هَذَا الوَقْتِ ثَلاَثَةُ أَصْنَافٍ طَرَفَانِ ووَسَطٌ:
الطَّرَفُ
الأَوَّلُ: أُنَاسٌ تَرَكُوا الأَمْرَ بالمَعْرُوفِ والنَّهْيِ
عَنِ المُنْكَرِ، ولا حَوْلَ ولا قُوَّةَ إلاَّ بِاللَّهِ، وهَذَا تَرْكٌ
لِوَاجِبٍ عَظِيمٍ من واجِبَاتِ الإِسْلاَمِ، وهَدْمٌ لأَِعْظَمِ المُقَوِّمَاتِ
لِهَذَا الدِّينِ، وتَسَلُّطٍ لأَِعْدَاءِ اللَّهِ ورَسُولِهِ، وتَسَلُّطٍ
لِلعُصَاةِ والمُفْسِدِينَ، فَإِنَّ الشَّرَّ إِنَّمَا يَنْتَشِرُ إِذَا عُطِّلَ
جَانِبُ الأَمْرِ بالمَعْرُوفِ والنَّهْيِ عَنِ المُنْكَرِ، لأَِنَّهُ يُصْبِحُ
بِدُونِ مُقَاوِمٍ، وأَنْتُم تَعْلَمُونَ أَنَّ شَيَاطِينَ الإِنْسِ والجِنِّ
إِذَا سَنَحَتْ لَهُمُ الفُرْصَةُ فَإِنَّهُم يَنْشُرُونَ شَرَّهُم بِسُرْعَةٍ
وبِشَتَّى الوَسَائِلِ ولا يُقَاوِمُهُم إلاَّ الأَمْرُ بالمَعْرُوفِ والنَّهْيُ
عَنِ المُنْكَرِ المُؤَيَّدُ بِالسُّلْطَانِ.
الطَّرَفُ
الثَّانِي: أُنَاسٌ تَشَدَّدُوا في جَانِبِ الأَمْرِ بالمَعْرُوفِ
والنَّهْيِ عَنِ المُنْكَرِ وأَخْرَجُوهُ عَنْ إِطَارِ الحِكْمَةِ والمَوْعِظَةِ
الحَسَنَةِ إِلَى إِطَارِ التَّنْفِيرِ والتَّشْدِيدِ ومُوَاجَهَةِ النَّاسِ
بالغِلْظَةِ والقَسْوَةِ، وهَذَا لا يَجُوزُ ولا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ أَمْرًا
بالمَعْرُوفِ ونَهْيًا عَنِ المُنْكَرِ، فَإِذَا جَاءَ أَحَدُهُم عَلَى إِنْسَانٍ
جَاهِلٍ ارْتَكَبَ مَعْصِيَةً مِنَ المَعَاصِي فَعَنَّفَهُ ووَبَّخَهُ تَكَلَّمَ
في حَقِّهِ وجَرحَهُ،