×
محاضرات في العقيدة والدعوة الجزء الثاني

 فَهَذَا لَيْسَ مِنَ الحِكْمَةِ، أو زَادَ في إِنْكَارِهِ عَلَيْهِ أَكْثَرَ مِنَ اللاَّزِمِ، هَذَا والجَانِبُ الأَوَّلُ كِلاَهُمَا خَطَأ.

أَمَّا الوَسَطُ: وخَيْرُ الأُمُورِ أَوْسَاطُهَا، وقَدْ جَعَلَ اللَّهُ هَذِهِ الأُمَّةَ أُمَّةً وسَطًا فَهُوَ الأَمْرُ بالمَعْرُوفِ والنَّهْيُ عَنِ المُنْكَرِ، والصَّبْرُ بَعْدَ الأَمْرِ بالمَعْرُوفِ والنَّهْيِ عَنِ المُنْكَرِ؛ لأَِنَّ الإِنْسَانَ الَّذِي يُوَاجِهُ النَّاسَ ويَأْمُرُهُم ويَنْهَاهُم يَحْصُلُ لَهُ أَذًى بِلاَ شَكّ بالقَوْلِ أو بالفِعْلِ، يُوَاجِهُ النَّاسَ مُوَاجَهَاتٍ، فلا بُدَّ أَنْ يَصْبِرَ، وإِذَا لَم يَكُنْ صَبُورًا فَإِنَّهُ سَيَقِفُ في الطَّرِيقِ، قَالَ تَعَالَى: ﴿ٱدۡعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِٱلۡحِكۡمَةِ وَٱلۡمَوۡعِظَةِ ٱلۡحَسَنَةِۖ وَجَٰدِلۡهُم بِٱلَّتِي هِيَ أَحۡسَنُۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعۡلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِۦ وَهُوَ أَعۡلَمُ بِٱلۡمُهۡتَدِينَ ١٢٥وَإِنۡ عَاقَبۡتُمۡ فَعَاقِبُواْ بِمِثۡلِ مَا عُوقِبۡتُم بِهِۦۖ وَلَئِن صَبَرۡتُمۡ لَهُوَ خَيۡرٞ لِّلصَّٰبِرِينَ ١٢٦وَٱصۡبِرۡ وَمَا صَبۡرُكَ إِلَّا بِٱللَّهِۚ وَلَا تَحۡزَنۡ عَلَيۡهِمۡ وَلَا تَكُ فِي ضَيۡقٖ مِّمَّا يَمۡكُرُونَ ١٢٧ [النحل: 125- 127].

وقَالَ لُقْمَانُ لاِبْنِهِ في جُمْلَةِ مَا أَوْصَاهُ بِهِ: ﴿يَٰبُنَيَّ أَقِمِ ٱلصَّلَوٰةَ وَأۡمُرۡ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَٱنۡهَ عَنِ ٱلۡمُنكَرِ وَٱصۡبِرۡ عَلَىٰ مَآ أَصَابَكَۖ إِنَّ ذَٰلِكَ مِنۡ عَزۡمِ ٱلۡأُمُورِ [لقمان: 17] فَدَلَّ هَذَا عَلَى أَنَّ الَّذِي يَأْمُرُ بالمَعْرُوفِ ويَنْهَى عَنِ المُنْكَرِ يَحْتَاجُ إِلَى الصَّبْرِ؛ لأَِنَّ في مُقَابِلِ الأَمْرِ والنَّهْيِ مَشَقَّةً مِنَ النَّاسِ وتَعَبًا، فلا بُدَّ أَنْ يَصْبِرَ.

والصَّبْرُ مَعْنَاهُ، حَبْسُ النَّفْسِ وهُوَ ثَلاَثَةُ أَنْوَاعٍ:

-      حَبْسُ النَّفْسِ عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ.

-      حَبْسُ النَّفْسِ عَن مَعْصِيَةِ اللَّهِ.

-      حَبْسُ النَّفْسِ عَنِ الجَزَعِ لأَِقْدَارِ اللَّهِ المُؤْلِمَةِ.

ويَكُونُ لِلآمِرِ بالمَعْرُوفِ والنَّاهِي عَنِ المُنْكَرِ النَّصِيبُ الأَكْبَرُ مِنَ الصَّبْرِ


الشرح