×
محاضرات في العقيدة والدعوة الجزء الثاني

والتَّحَمُّلِ، وتَعْرِفُونَ مَا جَرَى عَلَى الرُّسُلِ عَلَيْهِم الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ خِلاَلَ مَا قَصَّهُ اللَّهُ عَنْ أَوَّلِ الرُّسُلِ نُوحٍ عليه السلام، وأَنَّهُ لَبَثَ في قَوْمِهِ أَلْفَ سَنَةٍ إلاَّ خَمْسِينَ عَامًا يَدْعُوهُم إِلَى اللَّهِ، قَالَ تَعَالَى: ﴿إِنَّآ أَرۡسَلۡنَا نُوحًا إِلَىٰ قَوۡمِهِۦٓ أَنۡ أَنذِرۡ قَوۡمَكَ مِن قَبۡلِ أَن يَأۡتِيَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٞ ١قَالَ يَٰقَوۡمِ إِنِّي لَكُمۡ نَذِيرٞ مُّبِينٌ ٢أَنِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ وَٱتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ ٣يَغۡفِرۡ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمۡ وَيُؤَخِّرۡكُمۡ إِلَىٰٓ أَجَلٖ مُّسَمًّىۚ إِنَّ أَجَلَ ٱللَّهِ إِذَا جَآءَ لَا يُؤَخَّرُۚ لَوۡ كُنتُمۡ تَعۡلَمُونَ ٤قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوۡتُ قَوۡمِي لَيۡلٗا وَنَهَارٗا ٥فَلَمۡ يَزِدۡهُمۡ دُعَآءِيٓ إِلَّا فِرَارٗا ٦وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوۡتُهُمۡ لِتَغۡفِرَ لَهُمۡ جَعَلُوٓاْ أَصَٰبِعَهُمۡ فِيٓ ءَاذَانِهِمۡ وَٱسۡتَغۡشَوۡاْ ثِيَابَهُمۡ وَأَصَرُّواْ وَٱسۡتَكۡبَرُواْ ٱسۡتِكۡبَارٗا ٧ثُمَّ إِنِّي دَعَوۡتُهُمۡ جِهَارٗا ٨ثُمَّ إِنِّيٓ أَعۡلَنتُ لَهُمۡ وَأَسۡرَرۡتُ لَهُمۡ إِسۡرَارٗا ٩فَقُلۡتُ ٱسۡتَغۡفِرُواْ رَبَّكُمۡ إِنَّهُۥ كَانَ غَفَّارٗا ١٠ [نوح: 1- 10]، [ ﴿يُرۡسِلِ ٱلسَّمَآءَ عَلَيۡكُم مِّدۡرَارٗا [نُوح: 11] إِلَى آخِرِ السُّورَةِ.

والنَّبِيُّ مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم خَاتَمُ الرُّسُلِ، مَاذَا لَقِيَ من قَوْمِهِ في مَكَّةَ وهُوَ يَدْعُوهُم إِلَى عِبَادَةِ اللَّهِ عز وجل ؟ وكَيْفَ قَابَلُوهُ بالأَذَى بالقَوْلِ والفِعْلِ، وقَالُوا: سَاحِرٌ، قَالُوا: كَاهِنٌ، قَالُوا: إِنَّهُ يَتَعَلَّمُ من غَيْرِهِ من النَّصَارَى أو من أَهْلِ الكُتُبِ السَّابِقَةِ، مَعَلَّمٌ مَجْنُونٌ، قَالُوا.. وقَالُوا لأَِكْرَمَ الخَلْقِ عليه الصلاة والسلام، وضَعُوا لَهُ الأَذَى في الطَّرِيقِ ووَضَعُوا عَلَيْهِ الأَذَى وهُوَ سَاجِدٌ عليه الصلاة والسلام، وضَرَبُوهُ بالحِجَارَةِ حَتَّى أَدْمَوْا عَقِبَهُ عليه الصلاة والسلام في الطَّائِفِ شَجُّوهُ في أُحُد وكَسَرُوا رَبَاعِيَّتَهُ، وهَشَّمُوا المِغْفَرَ عَلَى رَأْسِهِ عليه الصلاة والسلام ومَاذَا كَانَتِ النَّتِيجَةُ؟ كَانَتِ النَّتِيجَةُ أَنْ نَصَرَهُ اللَّهُ عز وجل ومَاذَا قَابَلَهُم بِهِ بَعْدَ أَنْ نَصَرَهُ اللَّهُ ودَخَلَ مَكَّةَ بَعْدَ ثَمَانِ سَنَوَاتٍ مِنَ الهِجْرَةِ ومَعَهُ جُيُوشُ الإِسْلاَمِ وكَتَائِبُ التَّوْحِيدِ، حَتَّى اسْتَوْلَى عَلَى مَكَّةَ وظَفَرَ بِأَعْدَائِهِ وجَلَسُوا تَحْتَ قَدَمِهِ عليه الصلاة والسلام، وقَالَ لَهُم: «يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، مَا تَظُنُّونَ أَنِّي فَاعِلٌ بِكُمْ؟»


الشرح