قَالُوا: أَخٌ كَرِيمٌ وَابْنُ أَخٍ كَرِيمٍ.
قَالَ: «اذْهَبُوا فَأَنْتُمُ
الطُّلَقَاءُ» ([1])،
هَذِهِ سِيرَةُ الرُّسُلِ عَلَيْهِم الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ، صَبْرٌ وانْتِظَارٌ
لِلفَرَجِ، وفي النِّهَايَةِ تَكُونُ العَاقِبَةُ لَهُم بِالنَّصْرِ والنَّجَاةِ: ﴿ثُمَّ نُنَجِّي
رُسُلَنَا وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْۚ﴾
[يونس: 103].
دَرَجَاتُ الأَمْرِ بالمَعْرُوفِ والنَّهْيِ عَنِ المُنْكَرِ
****
يَقُولُ
النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم في الحَدِيثِ الصَّحِيحِ الَّذِي رَوَاهُ مُسْلِمٌ
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الَخُدَرِيّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ: «مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا
فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ
يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الإِْيمَانِ» ([2]).
بَيَّنَ
صلى الله عليه وسلم في هَذَا الحَدِيثِ الصَّحِيحِ الوَجِيزِ دَرَجَاتَ الأَمْرِ
بالمَعْرُوفِ والنَّهْيِ عَنِ المُنْكَرِ، وأَنَّ كُلًّا مِنَّا يَتَحَمَّلُ مَا
يَسْتَطِيعُ.
«مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا
فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ»، إِذَا كَانَ يَسْتَطِيعُ
إِزَالَةَ المُنْكَرِ باليَدِ؛ لأَِنَّ اللَّهَ أَعْطَاهُ سُلْطَةً، حَيْثُ
مَلَّكَهُ اللَّهُ كَسُلْطَانِ المُسْلِمِينَ وإِمَامِهِم الَّذِي ولاَّهُ اللَّهُ
هَذَا الأَمْرَ أو نَائِبَهُ، يَسْتَطِيعُ إِزَالَةَ المُنْكَرِ باليَدِ.
«فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ»، إِذَا لَم يَكُنْ بِاسْتِطَاعَتِهِ إِزَالَةَ المُنْكَرِ بِيَدِهِ، فَإِنَّهُ يَنْتَقِلُ إِلَى المَرْتَبَةِ الثَّانِيَةِ «فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ»، بِأَنْ يُبَيِّنَ لِلنَّاسِ الحَلاَلَ والحَرَامَ والطَّاعَاتِ والمَعَاصِي عَنْ طَرِيقِ المُنَاصَحَةِ الفَرْدِيَّةِ فِيمَا بَيْنَكَ وبَيْنَ أَخِيكَ المُسْلِمِ، والمُنَاصَحَةِ العَمَلِيَّةِ بالخُطَبِ والمُحَاضَرَاتِ والنَّدَوَاتِ والدُّرُوسِ بالحِكْمَةِ والمَوْعِظَةِ الحَسَنَةِ، يُبَيِّنُ لِلنَّاسِ لِيَهْدِيَ اللَّهُ من يَشَاءُ عز وجل وكَم من كَلِمَةٍ حَكِيمَةٍ أَغْنَتْ عَنْ كَثِيرٍ مِنَ القُوَّةِ،
([1]) أخرجه: البيهقي في «الكبرى» رقم (18276).