×
محاضرات في العقيدة والدعوة الجزء الثاني

ويَقُولُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ، فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ» ([1]).

الآمِرُ بالمَعْرُوفِ والنَّاهِي عَنِ المُنْكَرِ يَبْدَأُ بِنَفْسِهِ، ثُمَّ لِنَعْلَمَ يَا عِبَادَ اللَّهِ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الآمِرِ بالمَعْرُوفِ والنَّاهِي عَنِ المُنْكَرِ أَنْ يَكُونَ أَوَّلَ مُبَادِرٍ لِفِعْلِ المَعْرُوفِ وتَرْكِ المُنْكَرِ، وأَلاَّ يُنْكِرَ عَلَى النَّاسِ أَشْيَاءَ هُوَ يَفْعَلُهَا في نَفْسِهِ، قَالَ تَعَالَى: ﴿أَتَأۡمُرُونَ ٱلنَّاسَ بِٱلۡبِرِّ وَتَنسَوۡنَ أَنفُسَكُمۡ وَأَنتُمۡ تَتۡلُونَ ٱلۡكِتَٰبَۚ [البقرة: 44]، قَالَ تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفۡعَلُونَ ٢كَبُرَ مَقۡتًا عِندَ ٱللَّهِ أَن تَقُولُواْ مَا لَا تَفۡعَلُونَ ٣ [الصف: 2- 3]، ويَقُولُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «يُؤْتَى بِالرَّجُلِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُلْقَى فِي النَّارِ حَتَّى تَنْدَلِقُ أَقْتَابُهُ - يَعْنِي: حَتَّى يُفْتَحَ بَطْنُهُ وتَظْهَرَ أَمْعَاؤهُ - والعِيَاذُ بِاللَّهِ - فَيَدُورُ فِيهَا - يَعْنِي: في أَمْعَائِهِ - كَمَا يَدُورُ الْحِمَارُ بِرَحَاهُ، فَيَجْتَمِعُ عَلَيْهِ أَهْلُ النَّارِ فَيَقُولُونَ: يَا فُلاَنُ مَا لَك؟ أَلَمْ تَكُنْ تَأْمُرُنَا بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَانا عَنِ الْمُنْكَرِ؟ فَيَقُولُ: بَلَى، ولَكِنِّي كُنْتُ آمُرُكُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَلاَ آتِيهِ وَأَنْهَاكُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَآتِيهِ» ([2])، ونَبِيُّ اللَّهِ شُعَيْبٌ عليه الصلاة والسلام يَقُولُ لِقَوْمِهِ: ﴿وَمَآ أُرِيدُ أَنۡ أُخَالِفَكُمۡ إِلَىٰ مَآ أَنۡهَىٰكُمۡ عَنۡهُۚ إِنۡ أُرِيدُ إِلَّا ٱلۡإِصۡلَٰحَ مَا ٱسۡتَطَعۡتُۚ [هود: 88].

فالإِنْسَانُ يُصْلِحُ نَفْسَهُ أَوَّلاً حَتَّى يَكُونَ قُدْوَةً حَسَنَةً.

هَذَا ونَسْأَلُ اللَّهَ عز وجل أَنْ يَمُنَّ عَلَيْنَا بِالتَّوْفِيقِ والهِدَايَةِ، وأَنْ يَجْعَلَنَا وإِيَّاكُم مِنَ الآمِرِينَ بالمَعْرُوفِ، والنَّاهِينَ عَنِ المُنْكَرِ، الحَافِظِينَ لِحُدُودِ اللَّهِ، وصَلَّى اللَّهُ وسَلَّمَ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وعَلَى صَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.

***


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (6858)، ومسلم رقم (1337).

([2])  أخرجه: البخاري رقم (3094)، ومسلم رقم (2989).