عِلَّةُ تَقْدِيمِ الأَمْرِ بالمَعْرُوفِ
والنَّهْيِ عَنِ المُنْكَرِ
عَلَى ذِكْرِ الإِيمَانِ
****
س
4: سَائِلٌ يَقُولُ: نَرْجُو مِنْكُم أَنْ تَبِينُوا لَنَا مُنَاسَبَةَ تَقْدِيمِ
الأَمْرِ بالمَعْرُوفِ والنَّهْيِ عَنِ المُنْكَرِ عَلَى ذِكْرِ الإِيمَانِ في
قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿كُنتُمۡ
خَيۡرَ أُمَّةٍ أُخۡرِجَتۡ لِلنَّاسِ تَأۡمُرُونَ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَتَنۡهَوۡنَ
عَنِ ٱلۡمُنكَرِ وَتُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِۗ﴾
[آل عمران: 110] وهل الأَمْرُ بالمَعْرُوفِ والنَّهْيُ عَنِ المُنْكَرِ مَخْصُوصٌ
بِرِجَالِ الهَيْئَةَ فَقَطْ؟
ج
4: تَقَدَّمَ الأَمْرُ بالمَعْرُوفِ والنَّهْيُ عَنِ
المُنْكَرِ عَلَى الإِيمَانِ من بَابِ الاهْتِمَامِ؛ لِلدَّلاَلَةِ عَلَى
أَهَمِّيَّتِهِ، وإِلاَّ فالأَمْرُ بالمَعْرُوفِ والنَّهْيُ عَنِ المُنْكَرِ من
خِصَالِ الإِيمَانِ فَهُوَ دَاخِل في الإِيمَانِ، لأَِنَّ الإِيمَانَ قَوْلٌ
بِاللِّسَانِ واعْتِقَادٌ بالقَلْبِ وعَمَلٌ بالجَوَارِحِ، ويَدْخُلُ فِيهِ
الأَمْرُ بالمَعْرُوفِ والنَّهْيُ عَنِ المُنْكَرِ، وهُوَ من أَعْظَمِ خِصَالِ
الإِيمَانِ، وإِنَّمَا أُفْرِدَ بِالذِّكْرِ لأَِجْلِ التَّنْبِيهِ عَلَى
أَهَمِّيَّتِهِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿حَٰفِظُواْ عَلَى ٱلصَّلَوَٰتِ وَٱلصَّلَوٰةِ ٱلۡوُسۡطَىٰ﴾ [البقرة: 238] فَإِفْرَادُ الصَّلاَةِ الوُسْطَى
بِالذِّكْرِ بَعْدَ دُخُولِهَا في قَوْلِهِ ﴿حَٰفِظُواْ عَلَى ٱلصَّلَوَٰتِ﴾
[البقرة: 238] لأَِهَمِّيَّتِهَا وكَمَا في قَوْلِهِ: ﴿مَن كَانَ عَدُوّٗا لِّلَّهِ وَمَلَٰٓئِكَتِهِۦ
وَرُسُلِهِۦ وَجِبۡرِيلَ وَمِيكَىٰلَ﴾
[البقرة: 98].
فَذَكَرَ جِبْرِيلَ ومِيكَالَ مَعَ أَنَّهُمَا دَاخِلاَنِ في المَلاَئِكَةِ لِعِظَمِ شَأْنِهِمَا عَلَيْهِمَا الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ، فَقَدْ يَكُونُ ذِكْرُ الشَّيْءِ مُفْرَدًا مَعَ دُخُولِهِ فِيمَا بَعْدَهُ لأَِجْلِ الاهْتِمَامِ بِهِ والتَّنْبِيهِ عَلَى عِظَمِ شَأْنِهِ، ورِجَالُ الهَيْئَةِ عَلَيْهِم جَانِبُ الإِنْكَارِ باليَدِ وإِزَالَةِ المُنْكَرِ باليَدِ، لأَِنَّ ولِيَّ الأَمْرِ أَعْطَاهُم السُّلْطَةَ في حُدُودِ مَا مَنَحَهُم فَهُمْ يَسْتَعْمِلُونَ السُّلْطَةَ الَّتِي أَعْطَاهُم ولِيُّ الأَمْرِ،