×
محاضرات في العقيدة والدعوة الجزء الثاني

واتِّخَاذُهَا وسِيلَة لِلدَّعْوَةِ - كَمَا يَظُنُّ بَعْضُهُم - غَلَطٌ لأَِنَّ وسَائِل الدَّعْوَةِ ومَنَاهِجَ الدَّعْوَةِ بَيَّنَهَا الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم بِقَوْلِهِ وبِفِعْلِهِ، ولَيْسَ مِنْهَا الأَنَاشِيدُ، نَرْجِعُ إِلَى سِيرَةِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم نَرْجِعُ إِلَى مَنْهَجِهِ في الدَّعْوَة، كَيْفَ كَانَ يَدْعُو النَّاسَ؟ ونَمْشِي عَلَى حَذْوِهِ صلى الله عليه وسلم هَلْ نَجِدُ أَنَّ الرَّسُولَ رَتَّبَ أَنَاشِيدَ لأَِجْلِ الدَّعْوَةِ؟

كَذَلِكَ التَّمْثِيلِيَّاتُ كُلّهَا مُسْتَوْرَدَةٌ، لَيْسَتْ مِنَ الطُّرُقِ أو وَسَائِلِ الدَّعْوَةِ الَّتِي جَاءَ بِهَا الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم وفِيهَا تَقْلِيدٌ لِلكُفَّارِ، ومَا أَظُنَّ فِيهَا جَدْوَى، وإِنَّمَا فِيهَا تَرْفِيهٌ عَنِ الحَاضِرِينَ، ورُبَّمَا أَنَّهُ يَتَقَمَّصُ الشَّخْصِيَّاتُ الإِسْلاَمِيَّةُ من لا يَصِحُّ، كَالَّذِي يَتَقَمَّصُ شَخْصِيَّةَ عُمرٍ أو شَخْصِيَّةَ أَبِي بَكْرٍ أو شَخْصِيَّةَ شَيْخِ الإِسْلاَمِ ابْنِ تِيمِية أو الإِمَامِ أَحْمَدَ وهُوَ لَيْسَ عَلَى هَذَا المُسْتَوَى، والحَاصِلُ أَنَّ هَذَا لا يَجُوزُ، لا التَّمْثِيلِيَّاتُ ولا الأَنَاشِيدُ بِأَنَّ نَجْعَلَهَا من وسَائِلِ الدَّعْوَةِ، لَكِنِ الإِنْشَادُ - إِنْشَادُ الشِّعْرِ - في حُدُودِ مَا ورَدَ بالأَدِلَّةِ لا بَأْسَ بِهِ، والرُّخْصَةُ إِذَا جَاءَتْ يَقْتَصِرُ عَلَيْهَا ولا يُزَادُ عَلَيْهَا.

وأَمَّا حُكْمُ لَعِبِ الكُرَةِ: لا شَكَّ أَنَّ لَعِبَ الكُرَةِ إِذَا كَانَ في حُدُودٍ، ولا يَكُونُ مَعَهُ كَشْفٌ لِلعَوْرَاتِ، ولا يَكُونُ مَعَهُ تَضْيِيعٌ لِلصَّلاَةِ، أو تَعْطِيلٌ لِلمَصَالِحِ النَّافِعَةِ في الدِّينِ والدُّنْيَا، وإِنَّمَا يَكُونُ في حُدُودِ شَيْءٍ يَسِيرٍ لِتَقْوِيَةِ الجِسْمِ، يَكُونُ خَالِيًا مِنَ المُنْكَرَاتِ، في هَذَا القَدْرِ مُبَاحٌ، لَكِنْ إِذَا خَرَجَ عَنْ هَذِهِ الحُدُودِ بِأَنْ صَارَ فِيهِ كَشْفٌ لِلعَوْرَاتِ أو صَارَ فِيهِ اسْتِمْرَارٌ حَتَّى تضَاع الصَّلَوَاتُ أو تُؤَخَّرُ عَنْ أَوْقَاتِهَا أو يَكْثُرُ هَذَا حَتَّى يَطْغَى عَلَى حَيَاةِ الإِنْسَانِ بِحَيْثُ يُصْبِحُ لَيْسَ لَهُ مِهْنَةٌ إلاَّ لَعِبَ الكُرَةِ يُسَمَّى بالفَنَّانِ أو الرِّيَاضِيِّ - هَذِهِ لَيْسَتْ مِهْنَةٌ - فالمُسْلِمُ أَعَزُّ من أَنْ يُصْبِحَ، مُجَرَّدَ لاَعِبٍ لَيْسَ لَهُ هَمٌّ إِلاَّ اللَّعِبَ.


الشرح