سَبَبُ مَشْرُوعِيَّةِ الأَمْرِ بالمَعْرُوفِ
والنَّهْيِ عَنِ المُنْكَرِ
****
·
لِمَاذَا
شُرِعَ الأَمْرُ بالمَعْرُوفِ والنَّهْيُ عَنِ المُنْكَرِ؟
لأَِنَّهُ لا يَكْفِي الإِنْسَان أَنْ يَكُونَ صَالِحًا في نَفْسِهِ، بَلْ عَلَيْهِ أَنْ يُصْلِحَ نَفْسَهُ ويُصْلِحَ الآخَرِينَ «لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لأَِخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ» ([1])، وكَمَا أَنَّكَ تُحِبُّ لِنَفْسِكَ دُخُولَ الجَنَّةِ والنَّجَاةَ مِنَ النَّارِ فَتَعْمَلُ بِطَاعَةِ اللَّهِ وتَجْتَنِبُ مَعَاصِي اللَّهِ كَذَلِكَ تُحِبُّ لِإِخْوَانِكَ دُخُولَ الجَنَّةِ والنَّجَاةَ مِنَ النَّارِ، ولا يَكُونُ ذَلِكَ إلاَّ بِأَمْرِهِم بالمَعْرُوفِ والنَّهْيِ عَنِ المُنْكَرِ، وأَنْتَ حِينَ تَأْمُرُهُم بالمَعْرُوفِ وتَنْهَاهُم عَنِ المُنْكَرِ تُرِيدُ لَهُم الخَيْرَ، لا تُرِيدُ إِظْهَارَ نَقْصٍ فِيهِم ولا إِظْهَارَ عَيْبٍ مَا، ولا الحَطّ من قَدْرِهِم ولا تَعْيِيرِهِم، وإِنَّمَا تُرِيدُ نَفْعَهُم، تُرِيدُ إِنْقَاذَهُم مِنَ النَّارِ ودُخُولِهِم الجَنَّةَ، كَيْفَ تَتْرُكُهُم يَقَعُونَ في النَّارِ وأَنْتِ تَقْدِرُ عَلَى إِنْقَاذِهِم بِأَنْ تَأْمُرَهُم بالمَعْرُوفِ وتَنْهَاهُم عَنِ المُنْكَرِ؟ ولِهَذَا جَاءَ في الحَدِيثِ الصَّحِيحِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: «مَثَلُ الْقَائِمِ عَلَى حُدُودِ اللهِ وَالْوَاقِعِ فِيهَا، كَمَثَلِ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا عَلَى سَفِينَةٍ، فَأَصَابَ بَعْضُهُمْ أَعْلاَهَا وَأَصَابَ بَعْضُهُمْ أَسْفَلَهَا - يَعْنِي: أَنَّ بَعْضَهُم صَارَ في الطَّابَقِ العُلْوِيِّ وبَعْضَهُم صَارَ في الطَّابَقِ السُّفْلِيِّ، والطَّابَقُ السُّفْلِيُّ أَقْرَبُ إِلَى المَاءِ -، فَكَانَ الَّذِينَ فِي أَسْفَلِهَا إِذَا أَرَادُوا الْمَاء يَصْعَدُونَ إِلَى الطَّابَقِ العُلْوِيِّ لِلحُصُولِ عَلَى المَاءِ، فَقَالُوا: لَوْ خَرَقْنَا فِي نَصِيبِنَا خَرْقًا لِنَأْخُذَ مِنْهُ المَاءَ، - أَيُّ الجَانِبِ السُّفْلِيِّ - وَلاَ نُؤْذِي مَنْ فَوْقَنَا - بِأَنْ نَصْعَدَ إِلَيْهِم ونَتَرَدَّدَ عَلَيْهِم، ومَعْلُومٌ أَنَّ السَّفِينَةَ إِذَا خُرِقَتْ دَخْلَهَا المَاءُ وغَرقَتْ وغَرقَ أَهْلُ الطَّابَقِ
([1]) أخرجه: البخاري رقم (13)، مسلم رقم (45).