الأَعْلَى
والطَّابَقِ السُّفْلِيّ - وَلَوْ أَخَذُوا عَلَى أَيْدِيهِمْ نَجَوْا وَنَجَوْا
جَمِيعًا» ([1])،
هَكَذَا المُجْتَمَعُ أَهْلُ الطَّابَقِ الأَعْلَى فِيهِ هُم وُلاَةُ الأُمُورِ
والعُلَمَاءُ وأَهْلُ الرَّأْيِ وأَهْلُ العُقُولِ السَّلِيمَةِ، ومَنْ دُونَهُم
هُمْ بَعْضُ القصارِ وبَعْضُ الفُسَّاقِ وبَعْضُ ضِعَافِ الإِيمَانِ هَؤُلاَءِ في
الطَّابَقِ السُّفْلِيِّ، فَيَجِبُ عَلَى أَهْلِ الطَّابَقِ العُلْوِيِّ من أَهْل
ِالإِيمَانِ والعُقُولِ أَنْ يَأْخُذُوا عَلَى أَيْدِي هَؤُلاَءِ بِأَنْ
يَأْمُرُوهُم بالمَعْرُوفِ ويَنْهَوْهُم عَنِ المُنْكَرِ حَتَّى تَحْصُلَ
النَّجَاةُ لِلجَمِيعِ، وأَمَّا إِذَا تَرَكُوهُم يَقَعُونَ في المَعَاصِي فَهُمْ
كَمَنْ تَرَكُوا أَهْلَ الطَّابَقِ السُّفْلِيِّ في السَّفِينَةِ يَخْرُقُونَ
فِيهَا، لأَِنَّ العُقُوبَةَ إِذَا نَزَلَتْ عَمَّتِ الجَمِيعَ، قَالَ تَعَالَى: ﴿وَٱتَّقُواْ
فِتۡنَةٗ لَّا تُصِيبَنَّ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمۡ خَآصَّةٗۖ﴾ [الأنفال: 25]. عَمَّتِ الصَّالِحَ والطَّالِحَ،
عَمَّتِ الطَّالِحَ لِمَعْصِيَتِهِ وعَمَّتِ الصَّالِحَ لِسُكُوتِهِ وتَرْكِهِ
الأَمْرَ بالمَعْرُوفِ والنَّهْيَ عَنِ المُنْكَرِ.
إِذًا الأَمْرُ بالمَعْرُوفِ والنَّهْيُ عَنِ المُنْكَرِ هُوَ صِمَامُ الأَمَانِ لِهَذِهِ الأُمَّةِ، مَتَى تَحَقَّقَ ووُجِدَ فَإِنَّ هَذَا عَلاَمَةُ نَجَاتِهَا وسَلاَمَتِهَا، ومَتَى عُدِمَ هَذَا الجَانِبُ - ولا حَوْلَ ولا قُوَّةَ إلاَّ بِاللَّهِ - أو ضَعُفَ فَإِنَّ هَذَا عَلاَمَةُ هَلاَكِ الأُمَّةِ، ولِهَذَا لَمَّا قَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: يَا رَسُولَ اللهِ أَنَهْلِكُ وَفِينَا الصَّالِحُونَ؟ قَالَ: «نَعَمْ إِذَا كَثُرَ الْخَبَثُ» ([2]).