×
محاضرات في العقيدة والدعوة الجزء الثاني

ويُنَازِلُ الفِرَقَ والطَّوَائِفَ، فَيَرُدُّ عَلَى الشِّيعَةِ والقَدَرِيَّةِ ويَرُدُّ عَلَى عُلَمَاءِ الكَلاَمِ والفَلاَسِفَةِ ويَرُدّ عَلَى المُعَطِّلَةِ والمُؤَوِّلَةِ في الصِّفَاتِ مِنَ الجَهْمِية والمُعْتَزِلَةِ والأَشَاعِرَةِ، ويَرُدُّ عَلَى الصُّوفِيَّةِ المُنْحَرِفَةِ وعَلَى القبُورِيِين والمُبْتَدَعَةِ، ويُحَرِّكُ أَهْلَ الجُمُودِ الفِقْهِيِّ والخُمُولِ الفِكْرِيِّ بِرَدِّ الفِقْهِ إِلَى أُصُولِهِ الصَّحِيحَةِ ومَنَابِعِهِ الصَّافِيَةِ وتَصْحِيحِ وتَزْيِيفِ الزَّائِفِ حَتَّى أَعَادَ لِلشَّرِيعَةِ نَقَاءَهَا وإِلَى عُلُومِ الشَّرِيعَةُ صَفَاءَهَا، يَظْهَرُ ذَلِكَ في مُؤَلَّفَاتِهِ الَّتِي خَلَّفَهَا ثَرْوَةً عِلْمِيَّةً هَائِلَةً، وإِلَى جَانِبِ مَجْهُودِهِ العِلْمِيِّ العَظِيمِ شَارَكَ في الجِهَادِ في سَبِيلِ اللَّهِ فَحَمَلَ السِّلاَحَ وخَاضَ المَعَارِكَ ضِدَّ التَّتَارِ عِدَّةَ مَرَّاتٍ مِمَّا كَانَ لَهُ أَطْيَبُ الأَثَرِ في تَقْوِيَةِ مَعْنَوِيَّةِ المُجَاهِدِينَ حَتَّى انْتَصَرُوا عَلَى عَدُوِّهِم، وقَدْ تَخَرَّجَ عَلَى يَدِ هَذَا العَالمِ الجَلِيلِ أَئِمَّةٌ من طُلاَّبِهِ حَمَلُوا الرَّايَةَ من بَعْدِهِ، مِنْهُم الإِمَامُ ابْنُ القَيِّمِ، والإِمَامُ ابْنُ كَثِيرٍ، والحَافِظُ الذَّهَبِيُّ، والحَافِظُ ابْنُ عَبْدِ الهَادِي، وغَيْرُهُم مِمَّنْ أَخَذُوا عَنْهُ العِلْمَ ونَشَرُوهُ في الآفَاقِ بِمَا أَلَّفُوهُ مِنَ المُؤَلَّفَاتِ القَيِّمَةِ الَّتِي تَزْخَرُ بِهَا المَكْتَبَاتُ الإِسْلاَمِيَّةُ اليَوْمَ، فَجَزَى اللَّهُ شَيْخَ الإِسْلاَمِ ابْنُ تِيمِية عَنِ الإِسْلاَمِ والمُسْلِمِينَ خَيْرُ الجَزَاءِ ونَفَعَنَا بِعُلُومِهِ، ولَمَّا قَامَ بِهذَا الوَاجِبِ العَظِيمِ غَاظَ خُصُومَهُ فَرَمَتْهُ كُلُّ طَائِفَةٍ مِنَ الطَّوَائِفِ المُنْحَرِفَةِ بِلَقَبٍ سَيِّئٍ تُرِيدُ بِذَلِكَ صَدَّ النَّاسِ عَنْ دَعْوَتِهِ وتَشْوِيهِ عَمَلِهِ.

فَنُفَاة الصِّفَاتِ قَالُوا: إِنَّهُ مُجسّمٌ، لأَِنَّ إِثْبَاتَ الصِّفَاتِ عِنْدَهُم تَجْسِيمٌ، ومُتَعَصِّبَة الفُقَهَاءِ والمُبْتَدَعَةِ قَالُوا: خَرَقَ الإِجْمَاعَ، لأَِنَّهُ أَخَذَ القَوْلَ الرَّاجِحَ بِالدَّلِيلِ المُخَالِفِ لِمَا هُم عَلَيْهِ، ورَدَّ المُبْدِعُ خَرْقٌ لِلإِجْمَاعِ عِنْدَهُم، وغُلاَةُ الصُّوفِيَّةِ والقبُورِيُّون قَالُوا: إِنَّهُ يَبْغَضُ الأَوْلِيَاءَ ويُكَفِّرُ المُسْلِمِينَ ويُحَرِّمُ زِيَارَةَ القُبُورِ لأَِنَّ عِنْدَهُم هُوَ التَّقَرُّبُ إِلَى الأَوْلِيَاءِ


الشرح