الإِسْكَنْدَرِيَّةِ في الرَّدِّ عَلَى
المَلاَحِدَةِ الاتِّحَادِيَّةِ، ولَهُ في الرَّدِّ عَلَى الفَلاَسِفَةِ
مُجَلَّدَاتٍ، قَالَ: وبِالْجُمْلَةِ فَذِكْرُ أَسْمَاءُ كُتُبِهِ مِمَّا يَطُولُ،
ولَهُ مِنَ الرَّسَائِلِ والقَوَاعِدِ والتَّعَالِيقِ مَا لا يُمْكِنُ حَصْرُهُ،
وقَدْ ذَكَرَ كَثِيرًا مِنْهَا الحَافِظُ بْنُ عَبْدِ الهَادِي في كِتَابِهِ
القَوَاعِدُ الدُّرِّية، وكَانَ شَيْخُ الإِسْلاَمِ رحمه الله إِنَّمَا يَكْتُبُ
عَلَى قَدْرِ الحَاجَةِ، إما إِجَابَةٌ أو تَوْضِيحُ مُشْكَلٍ أو رَدًّا عَلَى
مُبْطِلٍ، فَهُوَ رحمه الله يَقُولُ: الفُرُوعُ أَمْرُهَا قَرِيبٌ، فَمَنْ قَلَّدَ
فِيهَا أَحَدًا مِنَ الأَئِمَّةِ جَازَ لَهُ العَمَلُ بِقَوْلِهِ مَا لَم
يَتَبَيَّنْ خَطَؤُهُ، وأَمَّا الأُصُولُ فَقَدْ رَأَيْتُ أَهْلَ البِدَعِ
تَجَاذَبُوا فِيهَا وأَوْقَعُوا النَّاسَ في التَّشْكِيكِ في أُصُولِ دِينِهِم، ولِذَلِكَ
أَكْثَرْتُ مِنَ التَّصْنِيفِ في أَمْرِ الرَّدِّ عَلَيْهِم، وكَانَ الشَّيْخُ
سَرِيعَ الحِفْظِ، قَالَ بَعْضُ من رَآهُ: حَضَرْتُ مَجْلِسَ الشَّيْخِ وقَدْ
سَأَلَهُ يَهُودِيٌّ عَنْ مَسْأَلَةٍ في القَدَرِ قَدْ نَظَمَهَا شِعْرًا
ثَمَانِيَةَ أَبْيَاتٍ فَلَمَّا وقَفَ عَلَيْهَا الشَّيْخُ فَكَّرَ لَحْظَةً
يَسِيرَةً وأَنْشَأَ يَكْتُبُ جَوَابَهَا، وجَعَلَ يَكْتُبُ ونَحْنُ نَظُنُّ
أَنَّهُ يَكْتُبُ نَثْرًا فَلَمَّا فَرَغَ تَأَمَّلَهُ من حَضَرَ من أَصْحَابِهِ
وإِذَا هُوَ نَظْمٌ من بَحْرِ أَبْيَاتِ السُّؤَالِ وقَافِيَتِهَا تَقْرُبُ من
مِائَةٍ وأَرْبَعَةٍ وثَمَانِينَ بَيْتًا، وقَدْ أَبْرَزَ فِيهَا مِنَ العُلُومِ
مَا لَوْ شُرِحَ لَبَلَغَ مُجَلَّدَيْنِ كَبِيرَيْنِ، وهَذَا من جُمْلَةِ
بوَاهِره.
قَالَ
ابْنُ عَبْدِ الهَادِي: بَلَغَنِي أَنَّ بَعْضَ مَشَايِخَ حَلَب قَدِمَ إِلَى
دِمَشْقَ وقَالَ: سَمِعْتُ في البِلاَدِ بِصَبِيٍّ يُقَالُ لَهُ أَحْمَدُ ابْنُ
تِيمِية وأَنَّهُ كَثِيرُ الحِفْظِ وقَدْ جِئْتُ قَاصِدًا لعلي أَرَاهُ، فَقَالَ
لَهُ خَيَّاطُ: هَذِهِ طَرِيق كُتَّابِهِ وهُوَ إِلَى الآنَ مَا جَاءَ، فَاقْعُدْ
عِنْدَنَا، السَّاعَةَ يَمُرُّ ذَاهِبًا إِلَى الكُتَّابِ، فَلَمَّا مَرَّ قِيلَ
هَا هُوَ الَّذِي مَعَهُ اللَّوْحُ الكَبِيرُ، فَنَادَاهُ الشَّيْخُ وأَخَذَ
مِنْهُ اللَّوْحَ وكَتَبَ من مُتُونِ الحَدِيثِ أَحَدَ عَشَرَ حَدِيثًا: وقَالَ
لَهُ: اقْرَأْ هَذَا فَلَم يَزِدْ عَلَى أَنَّ نَظَرَ