ولكن لو صح الحديث، فليس فيه محذور؛ لأنه يقول: «أَسْأَلُكَ بِحَقِّ السَّائِلِينَ»،
وليس معنى ذلك التوسُّل بالمخلوقين، كما يظنه أهل الجهل أو أهل الضلال، يقولون: «هذا يدل على التوسُّل بالمخلوقين»؛ لأنه
لم يقل: أتوسل إليك بالسائلين، وإنما قال: «بحق
السائلين»، وحق السائلين على الله هو الإجابة؛ قال تعالى: ﴿وَإِذَا
سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌۖ أُجِيبُ دَعۡوَةَ ٱلدَّاعِ إِذَا
دَعَانِۖ﴾ [البقرة: 186]، ﴿وَقَالَ
رَبُّكُمُ ٱدۡعُونِيٓ أَسۡتَجِبۡ لَكُمۡۚ﴾
[غافر: 60]، هذا حق أوجبه الله على نفسه سبحانه وتعالى، فهذا صفة من صفات الله، فأنت
تتوسل إلى الله بصفة من صفاته، وهي إجابة السائلين، ولم تتوسل بالسائلين أنفسهم،
وهم المخلوقون.
«وَبِحَقِّ مَمْشَاي هَذَا»،
ممشاك عبادة؛ فأنت تتوسل إلى الله، تتوسل إلى الله بالعبادة، ويجوز للإنسان أنه
يتوسل إلى الله بأعماله الصالحة، ﴿رَبَّنَآ ءَامَنَّا بِمَآ أَنزَلۡتَ وَٱتَّبَعۡنَا ٱلرَّسُولَ﴾ توسَّلوا بعبادته، ﴿فَٱكۡتُبۡنَا مَعَ ٱلشَّٰهِدِينَ﴾ [آل عمران: 53]، فأنت تتوسل إلى الله جل وعلا بعملك
الصالح، فيجوز للإنسان أن يتوسل إلى الله بذلك.
«اللهمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِحَقِّ
السَّائِلِينَ عليك»، الذي أوجبته على نفسك، وهو
إجابتهم.
«وَبِحَقِّ مَمْشَايَ هذا»،
إلى المسجد؛ فإنه عبادة، وعمل صالح.
«فَإِنِّي لَمْ أَخْرُجْ أَشَرًا،
وَلاَ بَطَرًا، وَلاَ رِيَاءً، وَلاَ سُمْعَةٌ»، كذلك هذا
عمل صالح، خروجك إلى المسجد خاليًا من هذه الأمور يدل على الإخلاص لله عز وجل هذا عمل
صالح.